تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هبـــــا العقـــــاد: تعبيــرات طفوليــة فـــي فســحات النســيج و«الكـولاج»

ثقافة
الخميس 10-4-2014
أديب مخزوم

تتجه الفنانة التشكيلية هبا العقاد في لوحاتها،التي تقدمها في بعض المعارض الرسمية والخاصة، لإيجاد القوة الإيحائية لعناصرها التعبيرية العفوية،المتفاعلة مع أشكال اللعب والدمى ومظاهر الخطوط الطفولية،

بحركاتها المتنوعة، التي تأخذ أشكال الدوائروالمربعات والمثلثات والمساحات المتداخلة.‏‏

‏‏

وسائل وتقنيات مختلفة‏‏

ولقد تنوعت تقنياتها،من طريقة استخدام القطع النسيجية المطبوعة والملونة في مرحلة بداياتها،إلى طريقة الرسم والتلوين باستخدام خليط المواد المختلفة(ميكست ميديا) والكولاج،مع المحافظة على خطها الاسلوبي في تجسيد العناصر الطفولية التعبيرية الموجهة للصغار والكبار معاً،وذلك لأن لوحاتها وبالرغم من مظاهرها الطفولية،تبقى مفتوحة على نتائج خبراتها التقنية والتشكيلية المتراكمة،والقادمة من تأملاتها لتحولات وتبدلات وتقلبات وتداخلات وتشابكات ثقافة فنون العصر. هكذا تظهر مرونة رموزها التعبيرية التلقائية، التي تروي من خلالها حكايتها مع عوالمها الطفولية،المستمدة من بقايا معطيات ذكرياتها الهاربة والضائعة والمنسية. وفي أعمالها الأحدث تقدم بعض الحلول التقنية الجديدة،المستمدة من تطور لمستها العفوية، وخطوطها الارتجالية،البعيدة كل البعد عن لوحات المحترف الأكاديمي، حيث وجدت في أعمالها النسيجية السابقة، منطلقات بحثها الاسلوبي،الذي تكرّس في معرضها الخاص بدار الاوبرا، وفي مشاركاتها الرسمية. استدارة الوجوه‏‏

‏‏

وقصة هبا مع الرسم بدأت من أيام طفولتها الاولى،حين كانت تتأمل الرسومات الموجهة إلى الأطفال،قبل أن تعاود خطوات تشكيل بقايا أحلامها الطفولية المستعادة والمقروءة في وجوه عناصرها الانسانية الأقرب الى اشكال العرائس والدمى وخاصة في استدارة الوجوه، وأيضاً في خطوطها التعبيرية الصادقة، القريبة من تعبيرية رسوم الأطفال الموهوبين، في مراحلهم التعبيرية المتقدمة، تلك الخطوط التي تركت تأثيرات مباشرة وصريحة وواضحة،على أعمال بعض كبار فناني العصر، وفي مقدمتهم بابلو بيكاسو الذي نهل من تعبيرات وعفوية فنون الأطفال الى حد الارتواء. هكذا قدمت لوحات عديدة،أبرزت في العديد منها علاقتها المباشرة، وغير المباشرة،بجمالية اللوحة الفنية الطفولية الحديثة،في حالات تجسيد حركات الصغار،وهم يلعبون ويمرحون، علاوة على تركيزها في لوحات عديدة لاظهار جمالية الزخرفة العفوية المجسدة باللون، واقواس العمارة الدمشقية،المكشوفة على الضوء والياسمين والاضاليا والمنثور من الداخل والخارج معاً. ومن الناحية التشكيلية تتفاوت لوحاتها القادمة من تأملات حركة العناصر والمشاهد والأشكال ما بين التعبيرية والرمزية، حيث تغيب الأشكال عن بعض لوحاتها أوتظهر أجزاء منها، وتبرز تداخلات لونية وخطية مختلفة،في تحولاتها نحو أجواء التشكيل الزخرفي العفوي، المنجز بوسائل واختبارات تقنية، كما تهتم في رسم عناصرها الطفولية المحببة، بإبرازالمساحات والضربات المتتابعة والمتجاورة، والتي تظهر في بعض الاحيان ظلال الاشكال وشاعريتها وغنائيتها، مؤكدة من جديد حيوية انفتاحها على جمالية اللوحة الفنية الحديثة والمعاصرة، في تنويعاتها التعبيرية المتقاربة والمتداخلة مع هواجسها الطفولية الحية والمتجددة.‏‏

فرح الاطفال ومعاناتهم‏‏

وتطل أحلام ومشاعر الأمومة والعائلة في العديد من لوحاتها، كحالة وجدانية مفعمة بالأحاسيس الإنسانية العميقة،وثمة تنقلات في لوحاتها الاحدث بين حالات التعبير عن مرح الاطفال في مراجيحهم ومع بالوناتهم الملونة،الى أجواء التعبير المأساوي الذي فرضته فجائعية وسوداوية أيامنا الراهنة. وبعض أعمالها الأحدث تبدو أكثر ارتباطاً بمظاهر التشكيل باعتماد الكولاج،وصولا الى تقديم عناصرها التركيبية في الابعاد الثلاثة، وهي تعمد الى ادخال مساحات وحركات خطية ولونية على مساحة الورقة المطبوعة،والملصقة على سطح اللوحة، للوصول الى التعبير الفني المطلوب، وللتخفيف من حدة ظهور الصورة الواقعية في فراغ السطح التصويري. وفي أعمالها الأحدث لاتزال تتجه لإظهار كثافة الملمحين التعبيري والطفولي، من خلال التركيز على اللوحة المرتبطة بحدة المعاناة اليومية المعاشة في الازمنة الصعبة، وتبدو أكثر اتجاهاً في بعض أعمالها نحو التبسيط والاختصار والاختزال، وصولاً إلى طريقة التعبير بحركات خطية سريعة، وهذه الطريقة التعبيرية المتحررة، من قيود الرسم الواقعي والاكاديمي،تجعل العناصر والأشكال، تتجه لإبراز تداعيات الحالة الداخلية الانفعالية في لمسات الخطوط وفسحات الكولاج، التي تعتمد فيها على الاستفادة من بعض قصاصات الصحافة الورقية المطبوعة،التي تصبح داخلة في عناصر اللوحة التشكيلية.‏‏

facebook.com/adib.makhzoum‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية