تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عقم المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وآثارها الكارثية

دراسات
الخميس 10-4-2014
حسن حسن

بدأت موجة من السخط والغضب الفلسطينية تفيض إلى الشوارع وتتحول إلى فعاليات كفاحية ليس فقط ضد الاحتلال ومشاريع الاستيطان والتهويد والضم التي تجتاح معظم الأراضي الفلسطينية بما في ذلك المسجد الأقصى ومناطق الأغوار ،

وجدران العزل والفصل العنصري ، وإنما كذلك ضد مهزلة المفاوضات الكارثية التي تتيح للأميركيين غطاء فلسطينياً لحراكها السياسي والدبلوماسي في المنطقة العربية التي تعيش مخاضاً تاريخياً من شأنه رسم الملامح الأساسية لشكل وطبيعة النظام العالمي الجديد ، وتوفر للإسرائيليين ، وكما يعترف رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي جنرال الاحتياط ياكوف عميدور ، مظلة لمواجهة الضغوط الدولية وجهود المقاطعة والعزل ضد «اسرائيل» فضلاً عن استخدامها كأداة لمنع الفلسطينيين من التوجه إلى الهيئات الدولية للفوز بعضويتها، وتفعيل دورها ضد سياسات الاحتلال والقمع ،وكبح امكانيات مقاومة الاحتلال ونشوب انتفاضة جديدة.‏

وما هو مطروح من حيثيات لتبرير مواصلة التفاوض الذي لايستند إلى أي مرجعيات ،لايقدم أي جديد مقنع ،بدءاً بإدعاء الحرص على عدم تحمل المسؤولية عن انهيار «العملية السياسية» وفتح الباب أمام «العنف» وتلمس «الجدية» في جهود رئيس الدبلوماسية الأميركية جون كيري الذي اعتبر المستوطنات «غير شرعية» وحذر«اسرائيل» من عودة الفلسطينيين إلى العنف واندلاع انتفاضة ثالثة ،ومن العزلة على الصعيد الدولي ، في حال عدم تحقيق السلام ،قبل أن يعلن عن تقديم أميركا مبلغ 67 مليون دولار لدعم البنية التحتية الفلسطينية، أما الحقائق والمعطيات التي يعرفها الجميع فهي أن هدف السلطة الفعلي من الاسترخاء في مستنقع العملية التفاوضية ،هو المحافظة على الدعم المالي لأجهزتها المختلفة ،وارتفاع منسوب الخشية من اندلاع انتفاضة جديدة يمكن الالتفاف عليها من خلال ابقاء الفلسطينيين في حالة انتظار الآتي من الأحلام والأوهام .‏

أما بخصوص الوسيط الأميركي ،فقد أوضح كيري أن ليس لدى بلاده الرغبة في فرض السلام على الطرفين اللذين ينبغي أن يقدما «تنازلات حقيقية» وإنما دور الإدارة الأميركية هو أن تساعد في التوصل إلى حل ،وهو ما يمكن ترجمته ،استناداً إلى المعطيات على الأرض وموازين القوى وأطروحات الطرفين والتجربة التاريخية ، ناهيك عن حرص واشنطن على امتصاص غضب حكومة نتنياهو الشديد من قرب التوصل إلى اتفاق ايراني مع الدول الست الكبرى بشأن برنامج طهران النووي وتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران ، بأن التنازلات المطلوبة ستكون من الجانب الفلسطيني فقط ،بدليل حرص الأميركيين الذين سبق وأن تبنوا جملة من المواقف الإسرائيلية المعهودة ،من نمط ضم الكتل الاستيطانية ،وتبادل أراضٍ بنسبة 8 بالمئة ،والاعتراف بـ«اسرائيل» كدولة يهودية ،وترتيبات أمنية تضمن بقاء الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، ما يعني وجوداً «إسرائيلياً» على الحدود مع الأردن، وحرص واشنطن على ادخال «لجنة المتابعة» العربية في أجواء العملية التفاوضية للضغط على الفلسطينيين للقبول بحلول انتقالية أو نهائية هدفها القضية الفلسطينية، وعدم ربطها بين الخلاف مع «إسرائيل» والتزامها المطلق بأمنها.‏

من جانبها شككت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بإمكان نجاح عملية التفاوض فالفرصة ضعيفة جداً خاصة أنه لم يتغير شيء عن المفاوضات السابقة لا لجهة المقدمات ولا لجهة النتائج المرتقبة وكتب معلق الشؤون السياسية في الصحيفة شمعون شيفر أن كلاً من الطرفين لا يزالان متمترسين في مواقفهما ولم يغيرا منها شيئاً أي أنهما لم يستخلصا أي عبرة من حالات الفشل السابقة لجولات تفاوض عقدت بين الجانبين خلال العشر سنوات أما لجهة الولايات المتحدة فلم تقدم أي اقتراح جديد أو تصور ما يمكّن المتفاوضين من تقديم أمل ما للتوصل إلى اتفاق وبحسب الكاتب فإن كان الطرفان سيجلسان إلى الطاولة كي يعيدا التشديد على المواقف السابقة نفسها فالأفضل أن لا يتوجها إلى المفاوضات أساساً إذ آن الآوان كي يطرح كل طرف ما يريده فعلاً.‏

وتساءلت صحيفة «معاريف» إن كان نتنياهو يريد بالفعل أن يتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين وأيضاً إن كان بإمكانه أن يتحمل ثمن هذا الاتفاق وكتب محلل الشؤون السياسية في الصحيفة شالوم يروشالمي مؤكداً: أن الدولة الفلسطينية التي بات يتحدث عنها نتنياهو تستوجب إخلاء عشرات الآلاف من المستوطنين وتقسيم القدس والانسحاب إلى حدود 67 مع تبادل للأراضي فهل رئيس الحكومة مستعد فعلاً لخطوة كهذه؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية