|
الغارديان وكل هذا تحت اسم تضامن المجتمع وحمايته من التطرف العنيف، ولكن كم عدد المسلمين المتشددين الذين تمت محاربتهم بطريقة وحشية في غزة؟ وما درجة النفاق التي وصلت إليها السياسة الخارجية البريطانية والتي تمارسها بكل قناعة ورضا عن الذات؟. لافائدة من مناشدة السياسة بعد دعمها المخزي للجرائم الإسرائيلية المرتكبة على مستويات مختلفة ومتعددة، عدة فروع من الحكومة لم تعمل فحسب على تبرير الأعمال الظالمة للعدوان الاسرائيلي في فلسطين، بل سعت أيضاً إلى إعطاء صفة اللاشرعية للاحتجاجات على تلك الجرائم وهذه مسألة من الصعب إدراكها أو سبر أغوارها. اتخذت سياسة الحكومة إجراء بشكل منظم للتقليل من عدد المشاركين في الاحتجاجات، الذين انطلقوا ليعبروا عن مشاعرهم على أمل إحداث تغيير ما من خلال احتجاجهم السلمي والديمقراطي، والذي لم يعامل بشكل لائق، ناهيك عن إحداث أي تغيير في النتائج السياسية، إذاً هنالك محاولات استثنائية لإخماد الاحتجاجات. في برج هامليتز احتشد الشبان في موكب يتضمن 100 سيارة احتجاجاً على المذابح في غزة والإعلان عن مظاهرة سلمية في مركز لندن. في اليوم التالي استعدت الشرطة لإخماد المظاهرات مخبرة الشبان بأن نشاطات كهذه غير شرعية، من بين كل المشاكل التي نواجهها في برج هامليتز بما فيها النشاطات اللاشرعية - لم يتعامل مع أي منها شبان كهؤلاء تآزروا مع بعضهم مستعملين سياراتهم لترجمة مظاهرة سلمية ونقل رسالة اجتماعية معبرة، إنني على ثقة أن الشيء نفسه يحدث في مكان آخر من العاصمة. لو فكرت السلطات في لندن وعبر أنحاء بريطانيا ملياً في هذا التصرف لرحبت بهذه الصحوة في الاحتجاجات السياسية على ما يحدث من فظائع دموية في غزة، وما أفضل طريقة لتهميش المتطرفين المتشددين من خلال خلق فضاء رحب للراديكالية سوى الخطاب السياسي الديمقراطي؟. على كل حال إن ذلك الفضاء الرحب آخذ في طريقه إلى التطور سواء رغبت الحكومة بذلك أم لا، إن الانفعالات التي يعبر عنها الشبان في خطابهم السياسي تأييداً للفلسطينيين مدهش حقاً وهو معارض بشكل كلي تقريباً للمسار السياسي للحكومة. اللقاءات التي جمعتني بالمعارضين للحرب عبر بريطانيا كانت تستعيد الأحداث الماضية من عام 2002 عندما بدأت الترتيبات للحرب على العراق، ولكن الآن، يرغب الناس في فعل شيء ما أكثر قوة وتأثيراً، إنها صرخة الدعم والثبات. هذا السبب الذي دفعني إلى اتخاذ المبادرة لشن حملة دفاعية مركزة بدءاً من بريطانيا إلى غزة من خلال شمال إفريقيا، سوف تتضمن الحملة شاحنات بضائع وعربات مقفلة لنقل السلع من البلدان والمدن عبر بريطانيا وفيها أدوية وحاجيات ضرورية أخرى يحتاجها الفلسطينيون في غزة وينتظرونها بيأس. بالطبع هذا ليس بديلاً عن مقدار المساعدات التي ينبغي أن تشحن الآن إلى غزة. على كل حال ليس الهدف ببساطة من هذه الحملة تقديم المساعدات فقط، إنها تجسد تأييداً للمواقف الثابتة والصمود في وجه عدو غاشم لايعرف سوى لغة القتل والتدمير واتخاذ خطوة جريئة من أجل مقاطعة إسرائيل. أعتقد أن الوقت قد حان لاتخاذ هذا الإجراء الصارم وتفعيله في مجالس لندن حيث بدأت الهوة تتسع ما بين الموقفين وهذا سنشهده خلال الأشهر القادمة. الطريق الذي ستسلكه حملة المركبات عبر شمال إفريقيا تم اختياره بشكل متعمد، سوف تجتاز تلك المركبات المراكز العربية الكبرى وتدخل إلى مصر، التي تمتلك مفتاح تحرير غزة وفلسطين، وقد لاقت هذه الحملة دعماً يفوق الوصف. فالمساجد والجمعيات الأهلية والاتحادات التجارية والمنظمات الأخرى كلها مشغولة بتنظيم حملة المركبات على الطريق وتزويدها بأشياء مفيدة للفلسطينيين. من خلال خبرتي أعتقد أن هذه الحملة ستحدث أثراً أوسع بكثير من مجرد الاستجابة لنداء إنساني محتم لإنهاء المعاناة في غزة، في عام 1930 احتشد العامة عبر أنحاء أوروبا لدعم ومساندة السكان في جمهورية إسبانيا، والذين تعرضوا لقصف البلدات ومذابح ارتكبت ضد المدنيين من قبل الجنرال المستبد فرانكو، كانت الصيحة تدوي عالياً «عاشت إسبانيا!» واليوم تنطلق صيحة جديدة تهز مسامع العالم. |
|