تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الشعر بوصفه نجاة

رسم بالكلمات
الاثنين2-2-2009م
ابراهيم حسو

تكتب فيوليت محمد الشعر كمن يستعيد ذاكرته و يرتب تفاصيل حياته من جديد و بدقة و نشاط ملحوظين , في لحظات إنسانية غامرة و أماكن حميمية ترجع إليها الشاعرة كلما ضاقت بها دروب الحياة , وهي تعلم كم هي غالية تلك اللحظات و الأمكنة ,

تحاول قدر شعريتها أن تلملم ما تبقى من أضواء سنواتها التي ما عادت تضيء مثلما كانت ساطعة من قبل , تشعر فيوليت أن ثمة ما هو أهم من الحلم و العودة إليه كلما دق قلبها و اشتد شوقها , أهم من الحب نفسه أو ما يشبه شكل الحب شيء يقترب من الكلمات أو يبتعد عنها في التحام و انفصام , في لمسها أو رجمها , شيء تقول عنه فيوليت ( شعر ) أو ما يشبهه وإن بدا هذا الشعر خجولا, منزويا, باكيا, و راكضا أحيانا نحو البراري ( المقفلة ) التي تحيط بأسوار مخيلتها الشعرية‏‏

( بعد ذلك ستعرف ) مجموعة أفكار شعرية تتداخل و تتهادى على شكل تواردات ( نفسية ) تغلفها لغة شعرية خانقة مرتجفة و تائهة في كيفية قيادة النص إلى نسقه السديد و ترتيب التداعيات الشعرية ضمن محفظة المخيلة , تؤول إليها في أي حين تريد , حيث لا مكان إلا مكان الذاكرة القابضة على عضد التفاصيل و لا زمن إلا زمن سرد الحياة بكل ما فيها من شعرية تظهر هكذا دون أن تعرف و ( بعد ذلك ستعرف ) أنها شعرية تسال من صخرة أو من عجينة تصنعها يد مغروسة بالبياض :‏‏

في هذه البلاد /أترون تلك الشجرة المقطوعة أنا منها‏‏

حقا لم تعد هناك أمكنة تستحق الجلوس لم يبق لي سوى مقعد غريب ازدحمت عليه الطيور .‏‏

لا تحبذ فيوليت الضوضاء و الثرثرة في شعريتها , وإن كانت المقاطع الطويلة التي جاءت في آخر الكتاب مصابة بتخمة التقّولات و التشابيه المرتجعة و المعادة , و تفسير الأشياء الواضحة , في مبارزة مع ما هو جلّي ومقرون بحالته , قد تجد في نص ( بعد الأربعين ) ثرثرة تأملية لامرأة تدخل سن الأربعين , و قد تأخذك تلك البنية الدرامية المكبوتة إلى ما هو أكثر من شعري أو حتى حياتي , لتأسرك بفضائية لغتها التي تصل إلى حد الإجهاش.‏‏

ستعرف فيوليت محمد أنها ماضية في نثر حياتها بالطريقة التي تعرفت فيها على عوالمها الداخلية و صارت ذاكرتها الشعرية جزءا من مستقبلها .‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية