تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


منتدى دافوس: «صياغة عالم ما بعد الأزمة المالية»

اقتصاديات
الإثنين 2-2-2009م
حميدي العبد الله

افتتح منتدى دافوس أعماله هذا العام في ظروف نوعية تختلف عن المنتديات السابقة, وقد تميز هذا المنتدى بالحضور الكثيف

للشخصيات السياسية والاقتصادية الهامة حيث شارك فيها (42) رئيس دولة وحكومة, وشهد إقبالاً قوياً غاب عن دوراته السابقة, ويسود الإحباط واللايقين على مداولاته، لأن الأزمة التي بدأت العام الماضي لا تزال تتوالى فصولها, بل إن الخبراء يتوقعون أن أسوأها لم يأت بعد, وطالما أن الأزمة مستمرة فإن أي توصيف لها, أو اقتراح علاج لمشكلاتها، سيكون عرضة للتبديل تبعاً للتطورات المتوقعة, وقد اعترف رئيس المنتدى ومؤسسه البرفسور كلاوس شوب بصعوبة هذه الأزمة عندما أكد أن العالم «يقف الآن في قلب أزمة بالغة التعقيد بصورة يصعب فهمها, لأنها لا تتعلق فقط بأزمة الرهن العقاري, بل بأزمات أخرى موازية لها, وحتى لو لم تكن الأزمة المالية طفت على السطح, كنا سنجد الاقتصاد العالمي أيضاً في تراجع».‏

وقد جرى التطرق للأزمة عبر وثيقة أعدها خبراء المنتدى ليصار إلى مناقشتها من قبل الحضور, خبراء ومسؤولين, وتشير الدراسة إلى أن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات غير مسبوقة ما يجعل المسار الرئيسي للمنتدى يركز على تعزيز الاستقرار في النظام المالي وإنعاش النمو الاقتصادي العالمي, وحفز الحوار في شأن القضايا ذات الصلة على أمل أن يؤدي ذلك إلى إعادة الثقة بين الأطراف الفاعلة من مؤسسات مال ومؤسسات صناعية وصناع القرار السياسي.‏

وتعترف الدراسة بأن الأزمة نجمت عن ما أسمته اختلالات عالمية أبرزها اعتماد أسعار للفائدة متغيرة لفترة طويلة, وارتفاع سريع في أسعار الأصول, وضغط هائل وخلل في موازين التجارة والمدخرات, وهي ظواهر ليست جديدة باعتراف الخبراء, ولكنها تراكمت وظهرت سلبياتها من دون حلول جماعية متفق عليها, ولأن إعداد الدراسة تم من قبل خبراء متطرفين في ليبراليتهم لم يشيروا إلى أن ذلك ينتج عن غياب الدولة وتهميش دورها, وترك إدارة الاقتصاد لمضاربين ومغامرين وحتى محتالين استغلوا الفراغ ليقترفوا ما قاموا به, ولهذا تشدد الدراسة على أن النظام المالي العالمي افتقر إلى التنسيق والتنظيم في حالات كثيرة, وفشل في إدارة الأخطاء, علماً أن عدم حصول التنسيق والتنظيم كان نتيجة قرار مسبق من الحكومات ومن القيمين على الاقتصاد بذريعة أن اقتصاد السوق يمتلك آليات ذاتية لتصحيح انحرافاته وتقويم أخطائه, وتقر الدراسة بأن الطابع العالمي للأزمة, وما سببته من اضطراب اقتصادي لم يبلغ بعد ذروته ويتطلب البحث في كيفية تطوير الهيكل التنظيمي للنظام المالي العالمي على المدى القريب والبعيد, استناداً إلى التحولات الأخيرة في الاقتصاد العالمي, لكن الدراسة تتجاهل السؤال الضروري والملح, هل يمكن التوفيق بين مصالح الدول المتضاربة والوصول إلى التنسيق والتنظيم الذي يعتبر الآن الشرط الضروري لمعالجة الأزمة, وهل تتخلى الدول التي سيطرت لعقود طويلة على الاقتصاد العالمي عن استئثارها بهذه السيطرة التي تشكل نقطة الانطلاق في معالجة الأزمة الحالية؟‏

في مطلق الأحوال فإن الدراسة المعروضة على المنتدى تطرح أفكاراً لتكون برامج مقترحة على صانعي القرار في دول العالم, ومن بين ما تقترحه فك الاشتباك بين القرارات المتضاربة والمصالح المتقاطعة والاهتمامات التي لا تلتقي عند هدف إيجابي موحد.‏

الأرجح أن منتدى دافوس لن يكون، كما كان عليه حاله دائماً، سوى فرصة للتداول ببعض الأفكار، ولكنه لن يكون قادراً على صياغة اقتراحات عملية قابلة للتنفيذ وقادرة على حل الأزمة .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية