تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


البلاستيك

أبجــــد هـــوز
الإثنين 2-2-2009م
معتصم دالاتي

من لم يضبط عينيه وهما في حالة تلبس بدمعتين فرتا من دون وعي أو إرادة, وكل دمعة أحر من أختها, فلعله بحاجة إلى أختصاصي في طب العيون, وإذا أفتى الطبيب بسلامة العينين

فلا بأس من مراجعة طبيب أنف أذن حنجرة, وإذا لم يكن بهما أي خلل فقد تجد الجواب عند اختصاصي الأمراض الجلدية, وأيضا إذا لم يتوصل إلى جواب فربما يحصل على النتيجة عند طبيب القلبية والأوردة والشرايين, وإذا لم يكن بها أي عارض فلا بأس من استشارة اختصاصي الأمراض العصبية والدماغ, وأخيراً إذا أثبتت كل الفحوصات والتحاليل والإيكو والدوبلير والتخطيطات والطبقي محوري والرنين المغناطيسي أن هذا المخلوق سليم ومعافى من أي مرض أو علة, فعلى الأغلب أنه كائن مدسوس بين عالم الأحياء بأعضاء اصطناعية, أي بلاستيك في بلاستيك ولا علاقة له بالإنسانية إلا من حيث الشكل وتشابه الأعضاء.‏

الدمعة الأولى لمشاهد الدماء والقتل والمجازر والتدمير الذي يغطي مدينة بأكملها, وهو أكبر من أن تستوعبه كل ما لدى البشرية من دموع وأعصاب, أما الدمعة الثانية فهي أحر من الأولى, لأن الدمعة الأولى قد أدمنِّاها وغدت جزءا من حياتنا, منذ الحرب الأهلية العربية الأولى, أي حرب داحس والغبراء, وحتى الآن, لكن الدمعة الثانية وهي دمعة الفرح ونادرا ما عرفناها من قبل, وقد تفجرت الآن ونحن نتابع المظاهرات والتأييد مع التنديد بالعدو, من قبل شعوب أوروبا وأميركا وسائر العالم, وهؤلاء لا يربطهم بقضيتنا سوى الهم الإنساني والوجداني والوقوف إلى جانب الحق والعدل, وهذا ما أفرزته غزة بما قدمت من ضحايا.‏

من المؤكد, أو الأرجح إن أي واحد من ضحايا غزة قد استطاع أن يقدم للقضية الفلسطينية العربية ما عجزت عن تقديمه وسائل الإعلام العربية خلال ستين عاما لأن الإعلام العربي بمعظمه لم يكن مكرسا سوى لتلميع الأنظمة الحاكمة, ولم يكن بمحصلته سوى كلام في كلام.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية