تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خسارة العدوّ في غزة: قراءات أخرى

محطة
الإثنين 2-2-2009م
د. خلف الجراد

يصرّ عددٌ من الكتّاب والإعلاميين العرب على جلْد الذات وإشاعة «ثقافة» الهزيمة ، وتحطيم إرادة المقاومة المنبعثة في جسد الأمة وعقلها ووجدانها.

ففي الوقت الذي يؤكد فيه الخبراء والمحللون الاستراتيجيون الغربيون والاسرائيليون‏

أن «اسرائيل» «خسرت الحرب على غزة والمقاومة الفلسطينية خسارة فادحة، رغم أنها استخدمت كامل قدراتها العسكرية، باستثناء القنابل النووية»، ينبري بعض أبناء جلدتنا، ممن اعتادوا تضخيم قدرات العدو وتحويله في أوساط الرأي العام العربي إلى كيان اسطوري غير قابل للهزيمة أو الاندحار..إلى التشكيك المنهجي بإمكانات الأمة وتاريخها وشخصياتها وانتصاراتها ومجمل مكونات حضارتها العظيمة، التي لايستطيع أي مؤرخ موضوعي أن يتجاهلها أو يلغي اسهاماتها الهائلة في ترسيخ أسس النهضة العلمية والثقافية وتقدم البشرية جمعاء.‏

ولأن عقدة النقص لدى هؤلاء المنهزمين، المروجين لـ«ثقافة» اليأس والاستسلام والاحباط هي الغرب والكيان الصهيوني المزروع غصباً وظلماً في جسد عربي رافض مقاوم.. فإننا نحيلهم إلى الصحف والمجلات والدوريات الغربية الرصينة المعروفة وأيضاً إلى الصحافة الاسرائيلية، التي يطيب لهم نهل مصطلحاتهم من ترسانتها العنصرية، مصطلحاتهم ومايزعمونه من «تحليلات سياسية واستراتيجية» بشأن العدوان الصهيوني، الرهيب على غزة ومقاومتها البطلة، وقبل ذلك على لبنان الصامد في تموز 2006.. حيث تكاد هذه الصحف (الاسرائيلية) -رغم خضوعها للرقابة العسكرية الصارمة - أن تجمع على خيبة الأمل الشديدة بنتائج ماقام به الجيش الصهيوني من عدوان هائل ضد غزة والمقاومة الباسلة، بل ان عدداً من المفكرين والمحللين السياسيين الغربيين والاسرائيليين يؤكدون خسارة «اسرائيل» في حربها ضد غزة والمقاومة ، كما أنها فشلت في مساعيها الاعلامية والدبلوماسية لإظهار المقاومة الفلسطينية كحركات ارهابية تعرّض السلام في المنطقة والعالم للخطر.‏

وقد نشرت صحف أمريكية واوروبية واسرائيلية ، مثل صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية الأكثر تأييداً لـ«اسرائيل» تحليلات وتقارير واسعة تشرح كيف أن عدوان الكيان الصهيوني عزز مكانة المقاومة، وجعلها القوة الوحيدة الحاسمة والمؤثرة في الساحة الفلسطينية، وبالمقابل أضافت الضعف والهشاشة و«عدم الاحترام» لممثلي خط المساومة، اللاهث خلف السلطة والمفاوضات العقيمة مع الاسرائيليين.‏

وأكد في هذا السياق المحلل الاسرائيلي المعروف سيفربلوتسكر (صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عدد 27 كانون الثاني 2009) أن «حماس خرجت من القتال في غزة ويدها هي الأعلى.. ونتيجة لذلك ستكون اسرائيل ملزمة، ررغم أنفها ، التسليم بموقف حماس وتأثيرها الكبير في فلسطين بأكملها»، ويضيف معقباً على «مذكرة التفاهم الامريكية - الاسرائيلية» الاخيرة:«أن حماس لم تهزم، ولم تتمكن اسرائيل من تصفيتها، ولم تنزل إلى ركبتيها.. بل ترفض وتتحدى، وتطرح شروطها على اسرائيل».‏

ويخلص الكاتب الاسرائيلي إلى النتيجة التالية:«كما فشلت اسرائيل في نزع شرعية حزب الله في حربها الفاشلة على لبنان (في تموز2006) ، بل تحول الزعيم حسن نصر الله الى شخصية ذات شعبية هائلة ، كذلك لم تنجح اسرائيل في حرب غزة الرابعة باجتثاث حماس، بل على العكس فقد أدت هذه الحرب إلى تجذير شرعية حماس واكتساب اسماعيل هنية مكانة دولية مهمة..».‏

وطبقاً لآراء سيفر بلوتسكر ويوري أفنيري ويوسي بيلين وباتريك سيل وروبرت فيسك وأنتوني كوردسمان وعشرات من المحللين و الكتاب والباحثين الاسرائيليين والغربيين ، فإن فتح الغرب حوارات مباشرة مع حماس ومنظمات المقاومة الفلسطينية ، أصبحت مسألة وقت ليس إلا، حيث تنتظر الدول الغربية إشارة البدء في هذا الاتجاه من الرئيس الامريكي الجديد باراك أوباما. ولاشك أن هذه العملية لن تتأخر، خلافاً لرؤية قادة الكيان الصهيوني العنصرية المتطرفة، ورغبات الأصوات المأزومة المهزومة، وأوهام المنبطحين والمستسلمين، الفاشلين في قراءة التاريخ وعبره، والحاضر في معطياته ودلالاته، والمستقبل في خياراته المفتوحة، وطموحات الأمة وأبنائها في الحرية والكرامة والتقدم.‏

kh-aljarad @hotmail.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية