تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


توقعــات بـــلا ســـقوف!

الافتتاحية
الاثنين2-2-2009م
بقلم رئيس التحرير: أســـــــــعد عبـــود

لا نرى قراءات كثيرة تحيط بجولة السيناتور الأميركي جورج ميتشل في المنطقة مبعوثاً لإدارة الرئيس أوباما للبحث في مسألة سلام الشرق الأوسط.

بالتفاؤل يمكن القول إنها بداية تنتظر الخطوة التي تليها..‏

بالتشاؤم ورغم سرعة قدوم الموفد بعد أسبوع من تنصيب الرئيس باراك أوباما، يمكن أن نستشعر تردداً يتنافى مع أن نقرأ من هذه الخطوة مؤشرات السرعة في دخول المسألة.‏

يعني:‏

الجولة تشير إلى اهتمام ولا تشير - حتى الآن- إلى استعداد ..‏

البوابات التي اختارها السيناتور ميتشل - إن كان هو الذي اختارها- لا تسرع الطريق للعبور الى دروب السلام.. إلى حد كبير الرجل يربط حركته بخيوط قديمة مهترئة لا تعجز عن السلام وحسب.. بل تعجز عن إيقاف التدهور إن حصل .. وأضاف إلى تردده عدوله عن زيارة تركيا..؟‏

إذا كان هذا العدول لضيق الوقت ومن أجل الاستعداد لمحاورة هذا البلد الخاص المهم في البحث عن السلام.. نقول: هذا جيد .. أما إذا كان لأسباب أخرى.. حرد مثلاً أو زعل.. فهذا مؤشر سلبي آخر..‏

السلام هو ما ينشده السيناتور ميتشل ممثلاً لإرادة إدارة الرئيس أوباما وتنفيذاً لرغبتها.. فلا أولوية لأي حرج في الوقوف على كل البوابات تحت عتبة السلام المنشود!!‏

في عملية البحث عن السلام.. أي سلام.. بين أي متخاصمين أو متحاربين.. لا يمكن لباحث بمرتبة فاعل خير، أو بمرتبة راع للعملية أن يتصرف على أساس أن أحد الطرفين صديق والآخر أقل من صديق أو خصم.. أو عدو.. الوقوف على مسافات متقاربة إن لم تكن متساوية إلى حد التطابق من أطراف العملية هو شرط أولي وجوهري للمضي بفعل حقيقي وخطوات متتالية باتجاه الهدف.. وإلا.. لا نعتقد أن المنطقة يخدمها الآن مجرد توقيع بصمات متناثرة على ساحتها، يختلف المعلقون والمحللون في دلالاتها والموقف منها..‏

لن نتسرع.. ومن المبكر الحكم على مهمة السيد ميتشل.. لكن.. لا نعتقد أن السيناتور الأميركي الذائع الصيت بأسلوبه ونجاحه بحل النزاعات الدولية.. وصاحب المقدرة السياسية الدبلوماسية غير الخافية.. لا نعتقده لا يعلم أنه عندما يتحول من التعرف والبحث والتحري والقراءة الأولية واستطلاع رؤية الأطراف إلى الشروع بالمقترحات.. يلزمه ما هو أبعد من تعدد الجولات وزيارات العواصم.. يلزمه موقف يقول:‏

- جئت لأساعد شعوب المنطقة في صناعة السلام..‏

وبالتالي من أجل هذه المهمة لا يمكن القبول بهذا الطرف ورفض ذاك.. أو الاكتفاء بالكلام الاستباقي من البعيد.. بحيث نكون أمام دخان بلا نار..‏

إذا كانت الغاية مجرد إشعار بأن الولايات المتحدة مهتمة بالمنطقة.. فهذا الاهتمام لم يغب يوماً.. ودائماً هناك زوار على هذا المستوى أو ذاك يقصدون دول المنطقة.. ومعظمهم إن لم يكن كلهم يتحدثون في السلام.. لكن.. لم يقم السلام..؟!‏

لا بد من الجدية التي تزرع الثقة بجدوى هذا المسعى لدى كل أطراف العملية السلمية كي تظهر هذه الأطراف جديتها، فتختصر طريقاً أسوأ ما فيه أنه طال كثيراً وتأخر الماضون عليه في إعلان سبب الإطالة وهدر الزمن..‏

يذكر هنا مسعى الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون وإدارته.. وكان مسعى جدياً بذل فيه الكثير.. الكثير.. من الجهود الطيبة ووصل إلى الهدف تماماً.. لكن..‏

تأخر الرئيس كلينتون في الإعلان عمن وقف في وجه السلام، إلى أن كتب مذكراته.. فسجل أنها «إسرائيل».‏

كثيرون يرون أن الزمن تحدٍ كبير لعملية سلام الشرق الأوسط، وإن هدر الزمن هو هدر للسلام، أولاً بسبب إبقاء المنطقة لفترة أخرى في أجواء الحرب والصراع، وثانياً كلما تأخرت العملية كلما تراكم عليها ما يعقّد ويصعّب طريقها.‏

ليس لدينا مبررات للشك في توجهات الرئيس أوباما لصناعة سلام الشرق الأوسط طالما أنه يقول بالسلام وما زال في شهر رئاسته الأول..‏

بل نحن متفائلون..‏

ونريد ألا يتراجع تفاؤلنا بسبب رتابة خطوات، وتكرار مواقف، ومسافات متباينة بين الساعين للسلام وأطرافه.‏

a-abboud@scs-net.org‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية