تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


زيارة أوباما بين خيبات المتآمرين وانتصار إرادة المقاومين

شؤون سياسية
السبت 23-3-2013
بقلم: نبيل نوفل

النظرة الموضوعية لكل متابع للشؤون السياسية وقضايا ومشاكل المنطقة الأساسية لابد وان يضع في سلم أولوياته معالجة القضايا المتفجرة والأكثر خطورة والمتعلقة بالأمن بالدرجة الأولى والتي تهدد استقرار الشعوب في المنطقة

وبدهي أن يكون من الأولويات لصناع القرار الأمريكي، الصراع العربي الصهيوني، العمود الفقري لكل القضايا والصراعات الأخرى.وثانياً الاستمرار في التحكم في مصائر الطاقة ومصادرها في المنطقة والعالم.‏

وبالتالي فكل اللقاءات والاتصالات والحروب والمعاهدات وغيرها كلها تصب في تحقيق هذه الأهداف ما يجعلنا نتوقع الملفات التي سيعطيها الرئيس الأمريكي الأولوية أثناء زيارته الكيان الصهيوني وفي مقدمها: الملف النووي الإيراني والمقاومة في لبنان والأزمة السورية والهدف من تفجير الوضع في سورية وانعكاساته على الكيان العنصري والفوائد التي جناها المتآمرون، والدور المرسوم لدويلات الخليج العربي وتآمرهم وتمويلهم للعصابات المسلحة، ومستقبل ما يسمى الربيع العربي، والصدمة التي فوجئ بها الأمريكيون حيث جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن الأمريكية. فسقط رهانهم على أدواتهم وفي مقدمها الإخوان المسلمون في تسلم السلطة والاستمرار بالحكم بالرغم من وصولهم إلى سدة الحكم في مصر وليبيا وتونس. ما حتم على صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية البحث عن خروج من وحل الهزيمة بسبب فشلهم وصمود سورية وقرب انتصارها الساحق على كل أدوات المؤامرة. فكان من الضروري إعادة التموضع وتغيير أساليب المعركة المستمرة ولكن بأدوات جديدة بعد فشل ادواتها الحالية وثبات عقمها. هدا الواقع فرض على إدارة الرئيس أوباما استحقاقات هامة وحساسة وسريعة وفي مقدمتها ترتيب البيت الصهيوني ورأب الصدع الذي حدث وسيحدث من جراء تهشم قوى التآمر وانتصار محور المقاومة، وطمأنة كيانهم الصهيوني على أمنه من خلال تقديم الضمانات الأمريكية سياسياً وعسكرياً ولجم الكيان من أي محاولة تهور باتجاه إيران كون الأمور ستكون كارثية على «إسرائيل» أولاً والمصالح الأمريكية ثانياً والجلوس مع الند الدولي الروسي الذي بات يلوي الذراع الأمريكية في كل المحافل الدولية السياسية والاقتصادية ويلجم المخططات العسكرية . فلم يعد باستطاعة واشنطن تجاوزه في القضايا الحساسة .فالمسألة التي تواجه الرئيس الأمريكي هي كيف سيوائم بين مصلحة أمريكا والكيان الصهيوني والخروج من الورطة التي وقع فيها بتورطه في الأزمة السورية ودعمه للعصابات المجرمة وما يسمى قوى المعارضة التي لم تكن بمستوى أحلام الأمريكيين والإسرائيليين بل كانت قوى خلبية فاقدة للقوة الشعبية على الأرض, وزوغان الرؤية الأمريكية في تقويم الواقع السوري. فمازال الرئيس أوباما كسلفه بوش يتحلى بالغطرسة التي أدت وستؤدي إلى كوارث على الانسانية وعلى أمريكا نفسها وهذا ما أكده الكاتب والصحفي الأمريكي جوستين ريموندو في موقع counter punch بتاريخ 9/10/2012م بقوله:»الغطرسة نفسها التي جلبت لنا العار في العراق الان نعمل على ممارستها في سورية. ويتابع فيقول: كالعادة لا نلاحظ إلا من مسافة ثقافية معينة فحسب بغض النظر عن عدد الأحذية على الأرض هذا هو الغرور نفسه الذي يسمح لنا ان نعتقد اننا يمكن أن نتدخل بشكل فعال في حياة الناس وحقيقة لا يمكننا معرفة أي شيء هو غرور النخب السياسية في الولايات المتحدة ألأمريكية وهذا هو سبب متاعب الجميع في هذا العالم» وهذا الواقع هو الذي يجعل الرئيس أوباما يحلم بزوال قيادة الرئيس بشار الأسد التي أصبحت عقدة للقوى الامبريالية والصهيونية وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومستوطناتهم بأشكالها المختلفة وسداً في وجه مخططاتهم التدميرية فأصبح كابوس يقلق نومهم وراحتهم كما كان القائد الخالد حافظ الأسد الذي شكل لهم كابوساً ولم يستطع كل جهابذة السياسة الأمريكية أن يفسروها أو يطوعوها. سيحاول الأمريكيون بما يملكون من إمكانيات الضغط لتغيير الواقع في سورية, ما يزيد الضغط على الإيرانيين خاصة وأن ذلك يترافق مع العقوبات الاقتصادية التي تعززها واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون. وكما اشار أوباما نفسه في اكثر من محفل كل الخيارات على الطاولة بما في ذلك، الخيار العسكري.‏

إنهم لم يفهموا طبيعة الشعب العربي السوري ، ولم يقرؤوا تاريخه في مقارعة المستعمرين، ولم يتعرفوا لمقدساته وثوابته ،وفي مقدمتها رفض التدخل الخارجي في شؤونه ،ورفض الإملاء من أي جهة كانت ،واستعداده للتضحية بالغالي والرخيص في سبيل سيادته وكرامته ، وعدم إعطائه ثقته إلا للقادة الوطنيين المتمسكين بالثوابت الوطنية والقومية ،وإنه يملك القدرة الخلاقة على خلق القادة الزعماء التاريخيين ، وهو قادر على تجاوز الصعاب والمحن والخروج منها أكثر قوة.‏

وكما يقول المفكر العربي زكي الأرسوزي: (إن هذه الأمة مشرقة بنورها على الإنسانية ومهما تبدو مفككة,إلا أنها لا تلبث حتى يسطع منها زعيم يبعث بها من جديد,فيلقي النور الحاصل من تأججها شفقاً على العالم أجمع ويهدي الأمم حينئذ بمنارته إلى تحقيق رسالتها وعند دلك تتحدى هده الأمة تقديرات المؤرخين) وهذا ما هو سائد اليوم في سورية العروبة التي يقودها زعيم ينتسب إلى عمق التاريخ العريق لأمتنا العربية، وكما خيب أحلام المستعمرين في الماضي سيخيب أحلامهم اليوم، فالسوريون لن يقبلوا أن يملي عليهم أحد أوامره ويحدد لهم ما يختارون ويفرض عليهم من يقودهم فالخيار سوري والحل سوري والمخرج سوري. فهل يتعظ قادة البيت الأبيض وأدواتهم ويعترفون بالحقائق الجديدة التي فرضتها إرادة المقاومة والشرفاء في العالم هذه الحقائق التي يتنكرون لها والتي أكدها ستيفان إم .والت أستاذ العلاقات الدولية بكلية كيندي التابعة لجامعة هافارد في مقال له نشره مؤخراً بقوله :أن الأمريكيين لن يعترفوا بخمس حقائق مزعجة : فهم ليسوا معنيين بالتخلص من السلاح النووي، ولا بموضوع حقوق الانسان، ولا بحل القضية الفلسطينية على أساس الدولتين، بل هم معنيون بأن تبقى أمريكا في المرتبة الأولى.‏

لقد آن الأوان للقادة الأمريكيين ان يعلموا إن إرادة شعبنا هي الأقوى وهي المنتصرة وهي لا تريد إلا بشار الأسد رئيساً لها شاء من شاء وأبى من أبى. ولن تستطيع قوة على وجه الأرض مهما كبرت أن تخضع شعب سورية فهو لن يركع إلا لله عز وجل. وستبقى دمشق قلب العروبة النابض لأن قيادة سورية صناعة الشعب، صناعة سورية بامتياز، تمتد في انتمائها إلى عمق التاريخ.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية