|
مجتمع سامحيني أمي لأني لم أكن معك في هذا اليوم العظيم والغالي على قلوبنا ولم أشاركك هذه الفرحة، سامحيني لأني لم أقبّل يديك وأقول لك كل عام وأنت بخير، كان الواجب أكبر والشهادة أعظم، ودّعتك وافترقنا وطال الفراق وأنت تنتظرين، لكن دعاءك كان رفيق دربي ونبراس حياتي، كنت معي في سكناتي وحركاتي. لقد وضعت الشهادة نصب عيني لأن وطني أسمى وطن وترابه أطهر تراب، هذا التراب المعطر بدماء الشهداء، أعلمك أني لم أخف ولم أتوان لحظة عندما دعيت إلى ساحة المعركة وأحببت أن أكون مع قافلة الشهداء ورفاق دربي الذين استشهدوا قبلي، فهذا وطني وهذه سوريتي سورية الكرامة والحضارة والأصالة، واليوم سورية الشهداء أعلمك أني سأرحل قرير العين بعد أن قمت بواجبي على أكمل وجه. اطمئني ولاتحزني واعلمي أن دموعك لآلئ ستسطع في سمائنا على مر الأجيال وتلك السنابل ستكون عطاء دائماً على مر السنين. عيدك عيدنا جميعاً وعيد الأمهات الثكالى اللواتي فقدن أبناءهن هذه الرسالة من جندي خطها لأمه قبل استشهاده ببضعة أيام. واليوم بهذه المناسبة احتفل الجميع بعيد الأم تبجيلاً وتكريماً لها الأم التي ربت وتعبت ولم تتوان عن العطاء فكانت النبع الذي لا ينضب والمنهل الذي يسكب أجمل معاني الحب والمودة، كل واحد قدم هدية لأمه وكل واحد أراد أن يعبر بطريقته الخاصة عن حبه وولائه لأمه إلا امرأة واحدة لم تتلق هدية وزغردت والدمعة في عينيها وقالت: الشهادة أعظم هدية لي. وهذه الرسالة ستبقى في دفاتر ذكرياتي ومجلدات حياتي، نعم استشهد ولم يدر ظهره لعدوه ليبقى اسمه عالياً وذكراه باقية. وإنني أثق تماماً أن العيد القادم سيكون أجمل وستبقى روح الشهيد مع الأمهات الغاليات وسيبقى الياسمين معرشاً على جنبات بيوتنا ونوافذ غرفنا وستشرق الشمس ثانية بعد ليل طويل وسيرتاح المسافر بعد عناء السفر وسيعود الأبطال منتصرين بإذن الله ونقول كل عام والجميع بخير وجعل الله كل أيامنا أعياداً. |
|