تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المغامرة التركية ..

نافذة على حدث
الأربعاء 31-8-2016
فؤاد الوادي

لا تختلف المغامرة التركية في الشمال السوري بأهدافها المعلنة وتلك الخفية -التي باتت معلومة ومعروفة للجميع- عن المغامرة الأميركية في سورية لجهة الحال والمآل والتداعيات التي ستفرض نفسها في القريب العاجل ليس على التركي فحسب بل على الاميركي وحلفائه وأدواته في الميدان.

على هذا النحو تبدو مغامرة النظام التركي في جرابلس أشبه بالغريق الذي يحاول جاهداً التعلق بقشة، مع ملاحظة أن النظام التركي بات يعلم يقيناً بفشل وكارثية تلك المحاولة على جميع الاطراف وهو في المقدمة، وكذلك الأثمان التي سوف يدفعها مقابل هذه المقامرة المجهضة مسبقاً.‏

الولايات المتحدة التي تدعم المغامرة التركية خلف الكواليس تعتبرها ورقة رابحة بكل المقاييس وفرصة قد تكون الاخيرة بالنسبة لها يتوجب عليها استغلالها بالوجه الأمثل والاكمل كونها تحافظ على فوضوية ودموية وبعثرة العناوين العريضة للمشهد العام، وهو الامر الذي تجد فيه واشنطن فرصتها السانحة والمواتية لتحقيق جملة من الاهداف دفعة واحدة تبدأ باستكمال سياسة الابتزاز والمناورة والرقص على كل الحبال، ولا تنتهي بإعادة ترتيب أولوياتها واستراتيجيتها بما يواكب ويحاكي التطورات والمتغيرات المرتسمة على الارض والتي تجهد يائسة لقلبها والعبث بها.‏

بمطلق الأحوال، لم تغادر تركيا المركب الأميركي الذي لا يزال أسيراً لأمواج العجز والفشل والاخفاق التي تلطمه من كل اتجاه، وهو الامر الذي يدفع بالأميركي وادواته وفي مقدمتهم التركي الى الإصرار على المراهنة على تلك الاوراق المحروقة والخيارات الخاسرة بهدف إعادة عقارب الساعة الى الوراء لجهة تغيير المعادلات والموازين التي ترسخت كواقع لا يمكن تغييره او حتى المساس و العبث به.‏

المغامرة التركية هي حقيقة الامر ليست إلا مقامرة جديدة، قد تكون من أسوأ ما أقدم عليه النظام التركي في سورية، وقد لا تؤدي الى مراكمة الفشل و الإخفاق فحسب، بل ستؤدي الى إغراق ما تبقى من المشروع الأميركي برمته في مستنقع الحماقات والطموحات والاحلام والرهانات الخاسرة لتلك الاطراف.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية