|
ثقافة
لم يتوقع القائمون على هذا المهرجان هذا التعطش الكبير للموسيقا والغناء، ولهذا الاجتماع الأقرب في حميميته الى اجتماع عائلي يجمع بين أصدقاء باعدت بينهم متاعب الحياة وهمومها، فكان عرساً سورياً بامتياز للفرح والأمل بأن القادم أجمل. وفي تصريحه يقول مدير دار الأسد للثقافة والفنون جوان قره جولي: ضم مهرجان الموسيقا العربية في دورته الثالثة ثماني حفلات، بدأتها بالافتتاح الفنانة ميادة بسيليس، وكان من المشاركين في فعالياته، عاصم مكارم وهو مؤلف موسيقي قدم في احتفاليته أحدث مؤلفاته، ويعد ذلك واحدا من إنجازات المهرجان بتقديمه مؤلفا موسيقيا جديدا. كما شارك مصطفى هلال وطاهر خانطوماني من حلب، إضافة الى الفنان رضا وليندا بيطار وختامها مسك مع مروان محفوظ. ولفت بدوره الى عدد الحضور الذي فاق التوقع حتى أنه تم تكرار حفل الافتتاح لليوم الثاني، فما إن يعلن عن بيع البطاقات حتى تنفد بعد ساعات قليلة وهذا يدل على الاقبال الكبير على الفعاليات الموسيقية والغنائية ضمن هذا الصرح الكبير الذي جهدنا أن تبقى أنواره مضاءة متجاوزين محن الحياة وصعوباتها. ولاشك أن المهرجان في مضمونه هو تحد وإصرار على متابعة النشاط الفني والثقافي في مواجهة الفكر التكفيري، وليعلو صوت الموسيقا على صوت السلاح. ويضيف: هذا المهرجان هو هديتنا الى الجيش العربي السوري الذي لولا تضحياته وبطولاته لما كنا ننعم نحن بالهدوء والأمن والسلام، وهذا الحضور الكبير والتفاعل في الصالات رسالة للعالم أننا شعب يحب الحياة، ولكل دوره، هناك من يقف في ساحات القتال، وآخرون على خشبات المسارح، ليشكلوا معا جبهات متكاملة في الدفاع عن الوطن. سورية.. مهد الموسيقا الأول ربما لم يتوقع الفنان مروان محفوظ هذا الحضور الكبير للحفل الختامي وخصوصا أن سورية تعيش ماتعيشه من جراء الحرب المجنونة التي تشن ضدها، ولكنه مإ إن دخل مسرح الدراما حتى تضج الصالة بالتصفيق الحار واستطاع بخياراته الذكية للأغاني أن يعيش مع الجمهور لحظات من الحميمية جعلته يتفاعل معه ويردد الأغاني التي لطالما كان صداها يملأ المكان وخصوصاً تلك الأغاني التي تنتمي الى أسرة الرحابنة، «خايف كون عشقتك وحبيتك، ياسيف اللي عالأعدا طايل، من كلمات وألحان زياد الرحباني». وغنى بعض أغاني وديع الصافي ليهديها الى روحه وفاء وتكريما «عاللومة، بالساحة تلاقينا، بترحلك مشوار، حلوة وكذابة». وفي لقائه بين محفوظ أن المهرجان عندما يقام في سورية رغم الظروف القاهرة التي يمر بها إنما يدل على عراقة الفن فيها، وهذا لايختلف اثنان عليه لأنها هي من أهدى البشرية النوتة الأولى في الموسيقا، وهي بعد ذلك قلب العروبة النابض بالحياة. ولفت الى أن سورية ولبنان شعب واحد وعلاقته بسورية تعود الى الستينات وهي مستمرة الى اليوم دون انقطاع، وأن الشعب السوري شعب عظيم وسيتجاوز هذه المحنة ان شاء الله بالنصر على أعدائه، وسيعود الأمان والسلام الى ربوع سورية الحبيبة قريبا. والى جانب هذا الاحتفاء الكبير بالفنان مروان محفوظ، فقد أضافت الفنانة الشابة كارمن توكمه جي من روحها عندما قاسمته الحفل وغنت للسيدة فيروز بعض أغانيها «أنا خوفي من عتم الليل، يادارة دوري فينا، فايق ياهوى..» أما مايسترو الحفل حسام الدين بريمو الذي تألق في قيادته للفرقة الموسيقية فقد بين أن المهرجانات إنما وجدت لتؤكد أن هذه الأمة حية، ولاشك أن الأمة عندما تتعرض لمثل هذه الحرب المجنونة، ولاتتوقف مهرجاناتها، فهذا يعني بالتأكيد أنها أمة حية فعلا. وأما الجمهور الذي تقاطر الى الاحتفالية، فلم يأت جميعه من ظروف تتسم بالرفاهية بل يكابد مايكابده من جراء الأزمة التي أصابتنا في الصميم، وهذا تأكيد جديد على إيماننا أن الحياة هي أقوى من الموت، وأن الجمهور مرتبط بالحياة ومتمسك بها. واللافت في تفاعل الجمهور مع الأغاني التي مضى عليها زمن طويل وهذا أيضا يؤكد أننا أمة ترتبط بماضيها ومن الصعوبة بمكان أن تنفصل عن ماضيها مايبشر بالخيرلأنها أمة تفخر بتراثها وتحافظ عليه. وأضاف المايسترو أن هذا التفاعل والإصغاء للمواويل بشغف كبير يعني أننا نتذوق الكلمة وأننا شعب يبدع الكلمة ويحفظها ويتذوقها لأن الفن متأصل في حياته وهو خبزه اليومي رغم كل الظروف المحيطة به. ولفت الى سعادته في قيادة الفرقة الموسيقية مع الفنان مروان محفوظ، الذي تميز بإبداعه الفني وصوته الدافىء، ومشاركته الرائعة إضافة الى امتلاء الصالة بالجمهور. |
|