|
رؤية كان موسماً وفيراً للرواية السورية.. أسماء معروفة طرحت جديدها, وأسماء شابة قدمت نصوصا لافتة تنطوي على مقترحات فنية واعدة,ما يؤكد أن الكلام عن حساسية روائية جديدة ليس مجرد وهم.. وأخيراً جاء مسك الختام مع رواية (لو لم يكن اسمها فاطمة) لخيري الذهبي, والتي تنتمي إلى (الصفين) معاً, فالذهبي واحد من جيل راسخ في الرواية السورية, وكذلك فروايته الأخيرة هذه تمثل الحساسية الجديدة خير تمثيل... في (لو لم يكن اسمها فاطمة) ينفي الذهبي عن نفسه وعن جيله جملة من التهم المستقرة, وذلك عبر انحيازه للشرط الفني, وخروجه من أسر القضايا الكبرى, ووطأة الأفكار المعدة سلفاً, وتخففه, بالتالي ,من الجدية المتجهمة والجافة التي وسمت الرواية السورية لسنوات طويلة. تحركت شخصيات الذهبي بانسيابية مثيرة للدهشة, وبدت مساراتها المعقدة والمتشابكة وليدة منطق داخلي لا أثر فيه لمخطط قسري أو لإرادة خارجية طاغية... والأهم: لقد تعرجت هذه المسارات وامتلأت بالأحابيل والمنعطفات المفاجئة, الشيء الذي أضفى على الرواية تشويقاً كبيراً وغموضاً جذاباً, وعزز الجانب المتعوي فيها. ما سبق لا يعني أن الرواية خلت من الأفكار والقضايا المهمة, بل أن الجرعة الفكرية الدسمة كانت مستساغة وعذبة إذ تسربت بنعومة في ثنايا النص وسياق الأحداث. والقضايا نسجت خيوطها مصائر الشخصيات وخياراتها وقراراتها إزاء المآزق التي واجهتها والتي جاءت عفوية إلى حد بعيد. تبدو لافتة صحوة الذهبي على الميل إلى اللعب, والتهكم المرح والغرض البهيج للنص الروائي, ولكن ذلك أمر رائع في المحصلة, ويثبت عقم التصنيفات الجاهزة والنهائية, وأن مسألة الأجيال لا تصلح لأن تشكل معايير حقيقية مؤكدة. |
|