تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غيوم مشرّدة

معاً على الطريق
الإثنين 29-9-2014
أنيسة عبود

مشردة غيومي ..لا عصا تسوقها ولا سماء تهدهد نحيبها

مشردة حروفي .لا الكتاب يصالحها ولا البلاد تزرعها وتقطف المعاني‏

أيها الزمن المتعب أكثر من الأنهار العطشى‏

أيها الزمن الغريب ..هل رأيت بلاداً تشبه بلادي ؟‏

فيها ريحان على جباه النساء وفيها نبع دم ونبع أشلاء ، وألم‏

وفيها شاعر أخرس وجندي يبوح بالشعر ويملأ القبور غناء‏

أيها الزمن المريض ..لا مؤرخ عندي ولا أفق تستلقي عليه ، ولا دواء‏

متعبة أنا ..‏

والهواء الملوث يفتك بالعطر‏

والمطر العنيد يأبى الرجوع ويرفض مقايضة الدم‏

كأني لست من الأوغاريتيات ..وجدي ليس حدد‏

ولا لبست عباءة عشتار ولا كتبت شعراً لبعل ولا غنيت - شمرا‏

كأني ما تمشيت صوب جلجامش‏

ولا سرت في ركب حمورابي‏

تناوشني السهام بكل حقد وتكتب أيامي رؤوس بلا أجساد‏

هذا دهر الغرائب .فهل من غريب يعرفني أو يعرف رأسه من رؤوس الأنين‏

لربما قاسيون يعرفني ويعرف دهري الياسمين المدلى على عباءة ابن عربي‏

لربما .. عرفت ..وما عرفت ..وما بعد المعرفة سوى الوجع.‏

..........................‏

طاف الحزن .وغانيات المعبد يطفن بالبخور‏

طاف الحزن ..وعمّ الخراب في الخراب‏

من أنا .؟ من أنتم ؟ من أين أتى هذا الفناء ؟‏

كأننا طبخناه في بيوتنا ..و وزعناه على أحبتنا ..لكننا أكلنا قبلهم ..فرحلوا قبلنا‏

...........................‏

ضاع الكلام وتهدم المعنى كبيت عتيق‏

أبجدية كالحجارة تنهال على رأس القصيدة ..‏

نفر الدم من الحروف .لا جدوى بعد من الحبر‏

هزمت القصيدة وراحت تجرّ تاريخها الدامي ..‏

هزمت الكتب وبقي السيف يركض خلفها إلى أجل غير قريب‏

...................................................‏

أفسحوا الطريق للظلام‏

قافلة الموت تدق أبوابكم ..أفسحوا الطريق للخراب الذي استضفناه‏

تنام السكاكين في الأوردة وينام القلم في الركام‏

استيقظ القحط في جهات البلاد ..والبلاد سافرت‏

فمن يسقي المغني قصيدة ليذرف بعض الرأفة ومن يسقينا النسيان لنستدل على أسمائنا؟‏

...............................‏

آه .على مساءات سكبت حبرها في البحر ونامت على الرصيف‏

آه ..على الذين كانوا هنا ..وهناك كانوا.‏

لم يبق من عناوينهم إلا شهيق الثياب‏

كانوا هنا ..غطوا وجوههم بالغيم ..لم ينتظرهم الغيم ولم يعرفهم المطر‏

كانوا هناك ..صار الرأس هنا ..والبلاد لم تعد هناك‏

ماذا تحمل أيها الغريب؟ هل بلادي في جعبتك؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية