تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في ندوة لتشجيع الترجمة...شحيّد: دعامة أساسية من دعامات حضارتنا..علماني: جسور تواصل تقف بوجه جدران الفصل

ثقافة
الثلاثاء 17-11-2009م
لميس علي

(في اللحظة التي أحظى بقارئ يقول لي: إنني قرأت نصك المترجم عن الإسبانية وكما لو أنني أقرأ نصاً إسبانياً، عندها فقط أعتبر نفسي مترجماً جيداً).

هو معيار جودة الترجمة بحسب صالح علماني...‏

والمقصود أن الجودة في الترجمة تقاس بالقدرة على طمس الفروقات ما بين اللغة الهدف واللغة الأم بالنسبة للنص الواحد.‏

وبالطبع الكلام لا ينسحب لجهة الترجمة الحرفية، إنما القدرة على كمش المعنى الحقيقي والاتيان بروح كامل النص.‏

رأيٌ جاهر به صالح علماني خلال الندوة التي أقيمت في معهد غوته تشجيعاً للترجمة، بتنظيم ما بين المراكز الثقافية (الفرنسي، الألماني، الإسباني) وبحضور كل من الدكتور عبدو عبود عن الجانب الألماني،والدكتور جمال شحيّد عن الجانب الفرنسي، والأستاذ علماني عن المركز الثقافي الإسباني.‏

ما قدمه المحاضرون يتكامل بشكل أو بآخر، من حيث إلقائهم نظرة على مجمل المشهد الحالي لحركة الترجمة... ما الصعوبات التي تواجهها..؟ ما سبل الدعم الممكن تقديمها..؟ ثم كيف تتم هذه العملية التي يمكن لنا وصفها بالإبداعية؟.‏

بدأ الدكتور شحيّد حديثه تأكيداً على أن الترجمة أصبحت في العصر الحديث دعامة أساسية من دعامات حضارتنا، وعلى الرغم من ذلك فإن المترجمين يتعرضون لنوع من الامتهان إن كان من حيث الأجر، أم من حيث الجهد المبذول في الترجمة.‏

ويشير شحّيد إلى أن الترجمة الحالية تشتمل على ما نصادفه في الانترنت، وهو ما أطلق عليه مسمى (الترجمة الآلية) التي توظف بأقصى ما يمكن في المجالات العلمية، هي تؤدي 80٪ من النص المراد ترجمته ويبقى (15-20٪) من جهد المترجم اليدوي في التدقيق، إلا أن الأمر يختلف تماماً بالنسبة للغة العربية لأنه يتم تدخيلها إلى الحاسوب دون (حركات) ما يساهم بعدم الحصول على المعنى بالدقة المطلوبة كما يحدث في اللغات الأخرى.‏

التقنيات الحديثة وفرت سهولة في مجال الترجمات العلمية خلافاً لما هو عليه الحال في الترجمة الأدبية، يذكر شحيّد تجربته في هذا المجال، يسرد طريقته المتبعة وصولاً إلى النص الهدف، الخطوات التي يقوم بها تبدأ بالتحضير من ناحية المراجع والقراءات التي يقوم بها والمرتبطة بذات الموضوع الذي يشتغل عليه، قد يستشير بعض الاختصاصيين فيما لو أشكل عليه أمر ما أثناء عملية الترجمة.‏

ويؤكد أن هذه العملية تحتاج إلى اليقظة، لأنك أثناء الوهن قد تقع بمطبات عدة تعرقل العمل الذي يحتاج فيما بعد إلى عمليات مطابقة ومقارنة مع الأصل.‏

قراءات عدة يقوم بها للنص المترجم (الهدف)، كل واحدة لها وظيفة تؤسس لما بعدها، والخلاصة يجب أن تؤمن الوصول إلى نص لا يشتم فيه رائحة الترجمة.‏

الدكتور شحيّد ذكر طريقته في عملية الترجمة ليأتي دور علماني بالحديث عن صعوبات تواجهها الترجمة، وبوصفه مترجماً عن الإسبانية يذكر مشكلات تعترضه أثناء قيامه بعمله.‏

بدأ كلامه تذكيراً بأن للترجمة دوراً تقوم به يبرز من حيث كونها جسور اتصال بين الأمم تقف بوجه جدران الفصل.‏

وهنا تتفرد الترجمة بدور مزدوج فهي بذات الوقت أداة تواصل، وأداة اختلاف، اختلاف اللغات والثقافات، ولهذا تحافظ بوجودها على بقاء وجود اللغات كلها، وهو ما يمنحها بُعداً ديمقراطياً حفاظاً على التعدد والاختلاف.‏

يلحظ علماني أن اتساع الترجمة أدى إلى تبدل في سوق العمل وبالتالي حصول تبدل في شخصية المترجم، ما نجم عنه وجود اختصاصات وعلى الرغم من حداثة حركة الترجمة في سورية، فإنها قدمت كماً لا بأس به من الأعمال الأدبية المهمة - بشهادة علماني - فالترجمة الأدبية في سورية بعد اتساع حركة النشر، خلال عشرين السنة الماضية لاقت رواجاً يضاهي ما هو حاصل في مراكز عربية أخرى مثل القاهرة، بيروت وغيرها.‏

عن مشكلات الترجمة عن الإسبانية يذكر:‏

- عدم وجود معاجم جيدة (عربية - إسبانية) أو (إسبانية - عربية) هي معاجم دون مستوى المترجم المختص، ولهذا يلجأ إلى معاجم (إسبانية - إسبانية).‏

- مشكلة أخرى تتمثل بتعدد اللهجات، بمعنى وجود كلمة بدلالات مختلفة ما بين بلد وآخر يتحدث الإسبانية، فكلمة (حافلة) على سبيل المثال، في المكسيك هي (كميون) وفي كوبا هي (غوا غوا) وهذه تعني في الإكوادور الطفل الرضيع.‏

- ثم يشير علماني إلى مشكلة عزوف الناشرين عن دفع حقوق المؤلف، هي من نقاط الضعف في سوق الترجمة السورية والتي يجب إيجاد حل لها.‏

أما الدكتور عبدو عبود فذكر جملة من الأسئلة المطروحة في مجال الترجمة، صنفها في ثلاثة أنواع، الأول يتعلق بما يخص مرحلة ما قبل الترجمة من مثل: كيف نختار الكتب التي يجب ترجمتها، من يختار، ما معايير الاختيار، ثم ما كفاءات المترجمين، وما مدارسهم واتجاهاتهم الفكرية والأدبية.‏

النوع الثاني يشتمل على أسئلة تتعلق بعملية الترجمة نفسها، اختصرها بمفهوم واحد هو التناظر، بمعنى أن يضاهي النص المترجم الأصل شكلاً ومضموناً.‏

النوع الثالث يتعلق بمصاعب ما بعد النشر هل يتلقى النص المترجم المتابعة والاهتمام المناسبين وهل تمارس هذه النصوص المترجمة تأثيراً ثقافياً ما.‏

ونهاية فصّل عبود في الكيفية المتبعة لدى الألمان لترجمة لغتهم إلى العربية.‏

بالعموم هم يدعمون ترجمة كتبهم إلى كل اللغات، من يتولى هذا الدعم هو مؤسسة شبه رسمية (معهد غوته) أحدثت فيه شعبة دعم الترجمة.‏

برنامج دعم الترجمة هذا قدم الدعم المالي لـ 5000 كتاب إلى 45 لغة على مدى 35 عاماً.‏

أشار عبود إلى أن عدد الكتب التي دعم غوته ترجمتها خلال النصف الأول من العام الحالي هي 210 كتب، منها فقط كتابان تُرجما إلى العربية، مشيراً إلى ضآلة الحصة العربية في مشروع الدعم هذا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية