|
معاً على الطريق شاع بوصفه منظومة الأفكار المعبرة عن المصلحة. وليس مفهوم المصلحة بمفهوم مرذول، فالمصالح منها ماهو سامٍٍِِِِ ومنها ماهو وضيع . فأن يجعل المرء من مصالح العرب بوصفهم بشراً يتمنون العيش في دولة واحدة ، ديمقراطية علمانية قوية تحقق الكرامة للإنسان وتحرر العربي من الشعور بالدونية تجاه الغربي هدفاًً نسعى إليه ، فهذا من قبيل المصلحة القومية السامية. وأن يدافع الفقراء من عمال وماشابههم عن مصالحهم امام همجية رأس المال فهذا دفاع عن مصالح مشروعة. أما أن يدافع شخص عن نظام فاسد دفاعاً عن فساده ومصلحته بالفساد فهذه مصلحة وضيعة . أن يكون من مصلحة نفر من الناس في السلطة أو خارجها التصالح مع العدو وتقديم التنازلات التي تنال من الكرامة الوطنية فهذه مصلحة وضيعة بل وأوضع المصالح. لا تظهر المشكلة بين الأيديولوجيا والمصالح السامية بل تظهر في إطار المصالح الوضيعة وتغيراتها الأيديولوجية الزائفة. فأصحاب المصالح الوضيعة لايقدمون خطاباً أيديولوجياً مباشراً دفاعاً عن مصالحهم الوضيعة ، بل يغطون مصالحهم الوضيعة بأيديولوجيا مناقضة في ظاهرها للمصالح هذه ،بل ويصل بأصحاب المصالح الوضيعة أن يقدموا أيديولوجيا إنسانية كغطاء أيديولوجي للمصالح الوضيعة. فلا يقول لنا أصحاب الشركات من الرأسماليين الطفيليين وغيرهم: إن الدافع هو الربح ونهب جيوب الناس ، بل يقولون إنهم يخدمون الإنسان ويسهرون على راحته ورفاهه وتأمين حاجاته . وهنا تظهر الدعاية للسلع بوصفها الأيديولوجيا الكاذبة ، الغطاء الأيديولوجي الذي ظاهره حسن وأهدافه وضيعة. وفجأة يتحول بعض السوقة من أصحاب الامتيازات السلطوية وغيرها إلى كائنات غيورة على أوطانها الصغرى فترفع الشعارات التي تظهر حبها وانتماءها وتضحيتها من أجل جزء من الوطن العربي الكبير على أنه الوطن المقدس الذي لابد من أن يكون أولاً. هذه الأيديولوجيا الزائفة والمنحطة أخلاقياً إنما تدافع عن مصالح ضيقة لمجموعة من النهابين والهباشين والخائفين على سلطتهم التي تحمي هبشهم ونهبهم وحسهم الأخلاقي الوضيع. وتخرج عليك جماعة ترضي الشيطان وتغضب الرحمن وتتخذ من الأشكال الخارجية في اللباس هوية لها وتقدم لك الخطاب الديني ثم لايتوانون عن الدفاع عن مصالحة العدو القومي بالفعل. ولعمري: إن الأقنعة الأيديولوجية في هذا الوطن صارت من الكثرة مايشي بانحطاط أخلاقي عام. أرأيت جماعة تحمي شهداء الحرية القدامى وتبوس كف الأمريكي من الخلف والوجه وتتوسله البقاء محتلاً. أليست أيديولوجيا الدفاع عن الشهادة في سبيل الحرية والوطن والأفكار الإنسانية مناقضة للخضوع والذل والهوان والدفاع عن الاحتلال . أيها الكذابون الأدنياء كفوا عن خداعنا ، ولا تفسدوا حياتنا اليومية بضجيج كلامكم ، ألا يكفينا قبح قسماتكم البليدة التي أشبه برخام القبور. |
|