|
معاً على الطريق لقد كانت السنتان الماضيتان تجربة اختبار قاسية للمجتمع السوري الذي وجد نفسه في أتون القتل والتخريب دون سابق انتظار مرتقب، فحياة السوريين كانت تتسم بالبساطة والمحبة والتآلف والقدرة على التعامل مع كل الحضارات والشعوب وقيمها وعاداتها، وكان المجتمع السوري قادراً على صهر كل التباينات في القيم والمفاهيم البشرية في بوتقة العيش المشترك دون وجود اي بوادر احتجاج نظراً لتطبيق مفاهيم المواطنة المتساوية والسماح للزائرين والوافدين بالعيش بذات الظروف التي يعيشها السوريون أنفسهم، الأمر الذي حدا بالكثيرين لاتخاذ سورية موطناً ومستقراً، أو مكاناً للاستراحة من ضيق العيش في غير منطقة. وعندما ضرب الإرهاب اكثر من موضع في سورية كانت المفاجأة فوق كل التصورات، فمن غير المعقول أن يتحول وطن الأمان في العالم بين عشية وضحاها إلى مركز للإرهاب الدولي في عملية منظمة ومدروسة ومحكمة التخطيط خدمة لمشروع استعماري لم ينقطع يوماً عن البحث عن السبل التي تهدم هذا الإنموذج الفريد والمتفرد على امتداد التاريخ البشري ومنذ بدء الخليقة، ومن المستغرب أن تتمكن قوى التآمر من التغرير بمجموعات من الشعب السوري للاشتراك في عمليات القتل والتخريب تحت ذرائع التغيير والمطالبة بتحقيق إصلاحات لم يجدوا طريقاً لها إلا عبر أسلوب العنف والارتماء في أحضان الغرب الاستعماري، والارتهان إلى الخارج متناسين التجربة الليبية الصعبة وما جرته وما زالت تجره على ذلك البلد العربي الغني بمقدراته النفطية واحتياطياته الكبيرة منه، لكن المفاجأة التي واجهت المتآمرين كانت تلك الحالة السورية المتمثلة في القدرة على متصاص الصدمة وكل تردداتها اللاحقة على الرغم من قوة المخطط المدروس المترافق مع ماكينة إعلامية كانت جزءً أساسياً من المخطط الذي احتاج سنوات طويلة من تجنيد العملاء ومحاولات زرع الفتنة والفرقة بين ابناء الشعب الواحد. واليوم بعد عامين من عمر الأزمة فان الطريق نحو انفراجها يبدو واضحاً اكثر من اي وقت مضى، فالعديد ممن غرر بهم يلقون أسلحتهم ويرتضون بالحوار الوطني حلاً، وبعض القوى المعارضة في الداخل والخارج تقبل بالحوار منهجاً وحيداً للخروج من هذه الأزمة الغريبة على سورية والمرشحة للانتهاء خلال الشهور القادمة والدخول في مرحلة بناء سورية جديدة ستكون عصية على كل محاولات التخريب وستغدو انموذجاً للخروج من كل الأزمات للعالم، وستبقى سورية كما كانت المنطلق والمستقر للعيش المشترك، ولن يكون العامل الدولي إلا عاملاً مساعداً في جانبيه الداعم أو المعارض لهذا التوجه في العيش المشترك |
|