تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحولة.. الفاشية الاعتيادية

تلدو «الحولة»
صفحة أولى
الإثنين 18-6-2012
مارات موسين وأولغا كوليغينا

أثناء التنقل في مدينة الحولة في ريف مدينة حمص استفسرنا ووثقنا مؤشرات شاهدة لأكثر من عشرة شهود عيان لمجزرة الحولة في 25/5/2012 التي قام بها فصيل من الوهابيين من منطقة الرستن الذين تجاوز عددهم الـ 700 شخص.

سيطر المقاتلون على المدينة وبدؤوا بتطهيرها من كل العائلات الموالية بما فيهم الشيوخ والنساء والأطفال، محاولين بذلك تقديم الضحايا امام الامم المتحدة والرأي العام العالمي على انهم ضحايا قتلوا يد الجيش السوري بهدف التسريع لتمرير قرار أممي ضد سورية.‏

اليوم الوهابيون يفتحون النار عمليا على كل شيء وبالحرف الواحد وقبل نحو الساعة من الآن بالقرب منا تعرض فريق مراقبي الأمم المتحدة لإطلاق نار من قبل سيارتي جيب، عند اقترابهم من حاجز عسكري في تلدو ونحن كنا شهود عيان على ذلك، كما تعرضنا لرشقات من مدفع رشاش على الرغم من انه كان واضحا اننا مجموعة بسيطة من الصحفيين مؤلفة من مدنيين عزل.‏

بعد ذلك على بعد 100-200 م من وجودنا قصفوا عربة جنود bmp لتبديل دوريات الحراسة احدهم مصاب بالرأس من قبل قناص وكأنه لم يصدق حينها انه على قيد ا لحياة بأعجوبة، للأسف نحو الساعة العاشرة صباحا اربعة من زملائه على الحاجز لم يكتب لهم الحظ بالنجاة من القناصين، وبهذا كانت بداية هذا اليوم.‏

مجموعة التقصي والشهادات الموثقة من قبلنا من شهود عيان اتاحت لنا وفي هذا اليوم اعلان بعض الارهابيين الذين نفذوا هذه الجريمة البشعة بحق الانسانية:‏

1- رضوان فرحان سعيد.‏

2- مشهور مسعود «ارهابي معروف».‏

3 - محي الدين محمود شهاب - محي الدين جربان.‏

4- مجموعة ارهابيين من عشيرة العكش.‏

5- عبد الرزاق طلاس.‏

6- يحيى اليوسف.‏

7- سعيد فايز طلحا العكش.‏

8- نضال بكور.‏

9- إرهابيون من عشيرة الحلياك والملقبون بالحسن.‏

10- أكرم الصالح.‏

11- هثيم الحلاق.‏

إليكم اللقاء الذي تم مع شهودنا الاوائل الذين كشفوا لنا ملابسات وتفاصيل هذه الجريمة الانسانية:‏

مارات موسين: ماذا حدث في قريتكم بتاريخ 25/5/2012 من خلال ما رأيتموه بأعينكم؟‏

مواطنة من تلدو: أنا مواطنة محلية جذوري هنا، في يوم الجمعة اليوم الاول للأحداث قاموا بمهاجمة حواجز الجيش الموجودة في اطراف المدينة بقذائف الهاون، رد الجيش فأصيب رامي الهاون بقدمه فقام المسلحون بنقله الى مشفاهم المتنقل وهو الآن حي يرزق واسمه سعيد فايز طلحة العكش، ويعيش عندنا في تلدو وعائلته المعروفون باسم الطلحة.‏

قبل يومين من الهجوم الذي وقع في 25 أيار قام المسلحون بترهيبنا بأن ساعة الصفر قد اقتربت، دائماً كانوا يتحدثون عن القيام بفوضى عارمة، لكن لم أتوقع بأن ما سيحدث، وقبل ذلك كانوا دائما يطلقون النار على الحواجز العسكرية في كل يوم جمعة بعد الصلاة.‏

قاموا بإطلاق النار لأكثر من ساعتين، بعد ذلك خيم السكون، بعضهم كان يحمل كاميرات لتصوير كل ما يحدث، كما كان بحوزتهم اجهزة اتصال راديوية وكنا نسمعهم ونحن في بيوتنا.‏

في يوم الجمعة وبعد صلاة الجمعة نحو الساعة الثانية بعد الظهر كان الحاجز العسكري قد تعرض لإطلاق النار ورد الجيش بالمقابل، كانت المجموعة الثانية من المسلحين بقيادة نضال بكور مع مجموعة اخرى قد توحدوا لضرب الجاحز العسكري الثاني المتموضع في الاعلى، كانوا من عشيرة الحلياك والمعروفة بلقب أبو الحسن وخططوا لاحتلال الموقع العسكري العلوي والسفلي الموجودين في القرية للسيطرة من الاعلى وللتحكم بسهولة بالموقع السفلي، قام نضال بكور بالاتصال بأحدهم وطلب منه ارسال مقاتلين غرباء، وقد قام بهذا الاتصال في الوقت الذي بدأت فيه هذه الجريمة، عندما هاجم المسلحون الحاجز وقتل منهم نحو 25 شخصا.‏

مارات موسين: من أين علمت عدد المسلحين الذين قتلوا؟‏

عندما قدم مراقبو الأمم المتحدة قام المسلحون بجمع جثامين وقدموها لمراقبين على أنهم مدنيون عزل مسالمون قتلهم الجيش، أنا شخصياً سمعت أحد المراقبين يقول إن هؤلاء مدنيون مسالمون وجدوا في منازلهم.‏

في الساعة 15.30 احتلوا الحاجز الاعلى وذبحوا احد الجنود من حنجرته ورموا به من الطابق الثالث، قبل مقتله قال لهم انا من كفر بطنا«ريف دمشق» فأجابوه لماذا الآن تذكرت أنك من هناك.‏

أسروا جنديين أحدهما اسمه عبدالله من اصل بدوي من الشوايا من دير الزور وقاموا بحرقه حياً. أنا لم أره شخصيا كيف حرقوه لكن الجميع من حولنا صرخوا بأنهم يحرقون جنديا، كان ذلك نحو الساعة 18، ولا أعلم ماذا حدث للجندي الاخر، لكن احد المسلحين يدعى ابراهيم الصالح قال لو لم نقتله، لكنا قدمناه انه شخص انشق لمصلحتنا.‏

احتلوا موقع الحاجز ومقر الضابطة العدلية بسرعة، ومقابل المقر كانت مواقع بيوت العائلات ا لتي قتلت ومكان مقتل كافة الاطفال، قتلوا كافة اطفال عشيرة السيد ثلاث عائلات وعشرون طفلاً، كما قتلوا عائلات عشيرة عبد الرزاق 10 أشخاص، لقد تم قتل هؤلاء لأنهم موالون للنظام، من عشيرة السيد قتلوا عائلة اخ عبدالله المشلب الشخص الثالث في مجلس الشعب السوري عندما تم تعيينه في مجلس الشعب في 24/5/2012 فقاموا في اليوم التالي بقتل عائلة اخيه المؤلفة من اخيه وزوجته وثلاثة أطفال.‏

في الساعة 17.00 ظهر زعيم كتيبة الفاروق «الجيش السوري الحر» عبد الرزاق طلاس وأتى معه من مدينة الرستن نحو 250 مقاتلا ومعهم مجموعتان من منطقة عقرب بقيادة يحيى اليوسف من قرية كفر لاها، أثناء الهجوم على الحاجز العسكري ارسل نضال بكور احد المسلحين ليقف امام الجامع وليطلق عدة طلقات RPG والهاون باتجاه الجيش وذلك لاستفزازه لقصف الجامع كمصدر للنيران، رد الجيش بنيران BRDM وأصاب الجامع وبعد أن سيطروا على الحاجز استحوذوا على جثث قتلاهم وجثث المدنيين الذين قتلوهم وجمعوهم في الجامع اذ نقلوا الجثث في سيارات بيك آب كيا.‏

نحو الساعة 20.00 من 25/5/2012 جثامين القتلى جميعها في فناء الجامع، في اليوم التالي عند الساعة 11.00 صباحا وصل مراقبو الامم المتحدة، قام الجيش بإجلاء السكان من بعض البيوت والواقعة بالقرب من الحاجز العسكري الى مكان آمن، وأثناء اطلاق النار كان قادة المسلحين يصرخون بصوت عال على المقاتلين للحفاظ على تكثيف اطلاق النار اثناء المحادثات الهاتفية مع الجزيرة.‏

وقف إطلاق النار في الليل، وفي اليوم التالي السبت سمعت حديثا عبر الهاتف الراديوي أحدهم يقول انه يجب ان يرتدي بعض المسلحين لباس الجيش السوري عند مجيء المراقبين «لإظهارهم على أنهم منشقون الى صفوف المنتفضين»، والجزء الآخر عليهم ارتداء ألبسة مدنية ، بعد ذلك أتوا الى الجامع، وقد أحرقوا الحقل وبعض البيوت لاتهام الجيش انه هو من قام بالقصف.‏

شاهد المراقبون عن بعد فقط، وكانوا محاطين من قبل مسلحين يرتدون لباس الجيش وآخرين يرتدون اللباس المدني، كان هناك الكثير من الناس الذين راقبوا هذا الوضع، غير انه لم يكن هناك اي شخص من أقرباء العائلات الموالية للنظام والذين قتلهم المسلحون، وصاح الجميع انهم يريدون إسقاط ا لنظام من بينهم كان أقرباء المسلحين.‏

جاء المسلحون الى بيوتنا وقالوا«اخرجوا من بيوتكم، وغادروا، لأن المدينة تحولت الى جبهة حرب»، نحن لم نغادر، ولكن غادر الكثير من الناس، وبعد وصول المراقبين قادهم المسلحون الى البيوت الفارغة ثم الى اماكن السكان النازحين وقالوا للمراقبين أنهم لاجئون.‏

مارات موسين: كيف ينظر إخوتك وأهلك إلى هذه الأحداث؟‏

أبي قد مات، لدي أمي وإخوة وأخوات، كلنا نتمسك بنفس وجهة النظر.‏

مارات موسين: هل يوجد في قريتكم أناس تشاطركم نفس وجهة النظر؟‏

نعم، الأغلبية تشاطرني نفس الرأي لكنهم يخافون من الموت من انتقام المسلحين، سبق وقام البعض بالمشاركة في مسيرات مؤيدة للسلطة وكتبوا شعارات مؤيدة على جدران القرية «يسقط الجيش الحر..» حيث بدأت هناك هذه الأحداث فقام المسلحون بالانتقام من كل الذين كتبوا هكذا شعارات.‏

مارات موسين: كيف هي العلاقات مع القرى المجاورة ولماذا هاجمهم المسلحون؟‏

لم يتسببوا لنا بأي أذى أبداً، ولم نكن على خلاف معهم، وكنا نقيم معهم علاقات جيدة، بل على العكس كان المسلحون من الجيش السوري الحر هم من يهاجمونهم باستمرار لأنهم ينتمون الى جماعات دينية اخرى، حتى انه كان احد الارهابيين يدعى هيثم الحلاق قام باختطاف عدة اشخاص من قرية مجاورة وطلب مقابل تحريرهم فدية تصل الى عدة ملايين ليرات سورية، وهناك مسلح آخر يلقب أبو ياسين اختطف بعض العاملين لدى المؤسسة العامة للكهرباء لانهم ينتمون الى مجموعة دينية اخرى، فقام هيثم بقتل احد المخطوفين وحقن الاخر بحقنة من المازوت، اذ يمكنكم العثور عليه في احد مشافي حمص.‏

نعم هؤلاء المسلحون بالأساس وفي وقت السلم يعملون بالتهريب، اذ يمر بالقرب من قريتنا انبوب نقل المازوت، وكانوا دائما يضعون مضخاتهم على انبوب النفط، والجميع في القرية يعلم ذلك، هؤلاء الناس ببساطة هم رجال عصابات، نادرا ما تجد بينهم من وصل دراسيا الى الصف الثامن ، فهم يخطفون كل من ينتمي الى ديانة اخرى كذلك اولئك الذين لديهم اموال.‏

كان في قريتنا امرأة من لبنان، كانت تعيش هنا مع اطفالها الثلاثة وتعمل كعاملة في تنظيف قسم الشرطة، قاموا بخطفها واغتصابها ثم شنقوها ورموها في الحقل وقامت الكلاب بنهش جسدها، لقد كان مشهدا رهيباً ومحزناً لقد كانت عارية تماماً.‏

هؤلاء الأشخاص لا يمكن تسميتهم بالمسلمين أو العرب، إنهم وحوش، في وقت ما سيطروا على المؤسسات الحكومية في القرية من مدارس ومشاف وعيادات ومؤسسات إدارية، لقد حرقوا كل شيء ومنعوا الأطفال من الذهاب إلى المدرسة.‏

هناك اربعة اشخاص من عشيرة عبّارة وواحد من عشيرة اليوسف الذي كان مصاباً بمرض الأيدز ولم يعد على قيد الحياة، قاموا باغتصاب إمرأة من عشيرة نايلا وأصابوها بهذا المرض، ولديها طفل عمره ثلاثة أشهر، بعد الاغتصاب كانت ترضعه ومات الطفل.‏

هناك حادثة في بداية الأحداث، عندما هاجموا المشافي لسرقة الدم واستخدامه في المظاهرات، وسكبها على وجوه اشخاص زعم أنهم قتلوا أو جرحوا لافتعال سيناريوهات لقناتي الجزيرة والعربية، نحن شعب نريد عودة الأمن والاستقرار لقرانا وبيوتنا، لانريد التدخل الخارجي، نريد السلام.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية