تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الـــصومــــال.. مــــــا المــــطلــوب دولــــياًً؟!

شؤون سياسية
الثلاثاء 28-7-2009م
غالب حسن محمد

ما إن اندلعت نيران العنف في مقديشو عاصمة الصومال خلال صيف العام الحالي، حتى بادر بعض القانطين إلى وصف هذه الدورة الجديدة بأنها «عودة عادية إلى ماأصبح مألوفاً في الصومال»

وزعم هؤلاء أن الصوماليين عادوا إلى حروبهم العشائرية الغريبة وغير المفهومة وأن على المجتمع الدولي أن يبتعد عنهم ويتركهم وشأنهم يقومون بتسوية أمورهم بأنفسهم، والحق أن الصومال بات في منعطف أمني سياسي خطير جداً يتطلب موقفاً ملزماً من المجتمع الدولي غايته التدخل السريع بكل مايستطيع لإنقاذ الوضع المتدهور في هذه المنطقة.‏

إن مايجري الآن ليس حرباً أهلية تقليدية بل هو مسعى منظم ومرسوم ومعمول خارجياً بهدف الإطاحة بحكومة شرعية معترف بها دولياً وإقليمياً ، فقد انتخب الرئيس شريف شيخ أحمد من قبل برلمان وطني تم توسيع عضويته خصيصاً ليشمل عناصر من المعارضة الصومالية والتي أبدت استعدادها ورغبتها في الانضمام إلى عملية السلام التي توسطت فيها الأمم المتحدة، ويذكر أن شريف شيخ أحمد الذي تولى إدارة العاصمة مقديشو في عام 2006 في ظل هيمنة «اتحاد المحاكم الإسلامية» كان قد خوله منصبه السابق لحضور جلسات مجلس الأمن الدولي، إلى جانب حضوره لعدد من اجتماعات القمة التي عقدها الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.‏

وعلى النقيض منه، لايمثل المتطرفون الذين شنوا هجوماً على العاصمة الصومالية مقديشو في شهر أيار الماضي سوى جماعات لاهدف لها سوى انتزاع السلطة بالقوة، وتشمل هذه الجماعات أفراداً في قائمة مجلس الأمن الدولي الخاصة بأعضاء تنظيم «القاعدة» وحركة «طالبان» إلى جانب مئات أخرى من المقاتلين المدربين المنتمين إلى اصول افريقية وعربية وآسيوية، وفي حين تنصرف أنظار العالم واهتماماتها لأنحاء اخرى من العالم تنصرف عن تواصل هذه الجماعات المتطرفة ومحاولاتها السيطرة على الدولة ذات الموقع الاستراتيجي المهم في منطقة القرن الافريقي بالقوة.‏

فللصومال أطول ساحل بحري في القارة الإفريقية كلها، كما يقع الصومال في حدود مشتركة مع أهم خطوط الملاحة البحرية العالمية، إلى جانب اشتراك حدوده مع قوى إقليمية كبرى مثل إثيوبيا وكينيا، وعلى الصوماليين وغيرهم أن يسألوا أنفسهم عما إذا كان يهدف هؤلاء المقاتلون الأجانب إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار السياسي للصومال أم أن لهم أهدافاً وغايات أخرى يستخدمون أراضي الصومال ساحة يخدمون منها أجندة خاصة تهدف إلى توسيع وانتشار ثقافة العنف الدولي التي يروجون لها؟‏

وفي ضوء هذه الخلفية من الطبيعي أن تثير هذه المهددات التي تواجه حكومة الصومال الشرعية الحالية قلق المجتمعين الإقليمي والدولي، وبالفعل أعرب مجلس الأمن الدولي عن شجبه للانقلابات العسكرية في شهر نيسان الماضي كما عبر الاتحاد الإفريقي عن مواقف متماثلة خلال قممه التي عقدها مابين عاين 1999-2000 وفي حالات مشابهة أخيرة عبرت دول شتى عن شجبها للانقلاب العسكري الذي جرى في هندوراس مؤخرا، ًيذكر أن «هيئة التنمية الاقليمية الحكومية » هي التي التقطت زمام المبادرة في دعم حكومة شريف شيخ أحمد الحالية.‏

بينما كانت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والنرويج في مقدمة الدول التي أدانت المحاولات الانقلابية على حكومة مقديشو، غير أن مصداقية الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية لاتزال في خطر فيما لو اختارت الابتعاد عما يجري في الصومال وسمحت لمساعي الانقلاب على الحكومة الشرعية أن تتحقق، يجدر بالذكر أن مجلس الأمن الدولي أعرب عن استعداده للتحرك ضد من وصفهم بالساعين لعرقلة عملية السلام في الصومال وخلق حالة من الفوضى في الصومال وفي هذا التصريح مايدعو للتفاؤل في حال تحوله إلى فعل حقيقي ملموس، وإلى أن تتحقق هذه الوعود يجب القول: إن حكومة مقديشو لاتزال على التزامها الكامل بعملية السلام وانفتاحها على كافة اطياف الشعب الصومالي الراغبين في استعادة الاستقرار والأمن لبلادهم واحلال السلام الدائم فيه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية