|
شؤون سياسية هذا في الوقت الذي أدرجت على جدول أعماله قضايا خلافية بين «ضيوف» المنتدى وأعضائه، أسهمت بمجموعها في إيجاد أجواء غير مشجعة حول كيفية حل بعض هذه الخلافات والازدواجية في التعامل مع بعضها الأخر. فالاجتماع يعقد بعد أيام قليلة من التفجيرات الإرهابية التي شهدتها العاصمة الأندونيسية جاكرتا (عضو الرابطة) وبعيد الانتخابات الأندونيسية، التي أودت بحياة العشرات من السكان المحليين والاجانب، ووصفها الرئيس الأندونيسي المنتخب سوسيلو يوروينو بأنها تمس أمن البلاد واقتصادها (يعتمد إلى حد كبير على قطاع السياحة). هذا في الوقت الذي تعاني فيه دول أخرى من الرابطة من عمليات مسلحة مشابهة أوصلت في حالات عديدة إلى حروب أهلية، أو استمرار العمليات العسكرية وبضمنها التفجيرات ضد مواطنين مدنيين وأجانب، وانعكاسات عدم الاستقرار على هذه الدول والرابطة عموماً. وتعد آسيان: (أندونيسيا، ماليزيا، الفلبين، تايلاند، سنغافورة، بروناي، ميانمار فيتنام، لاوس، كمبوديا) واحدة من أقوى الروابط الآسيوية، وتضم في هياكلها دولاً ذات أنظمة اقتصادية واجتماعية مختلفة: من الاقتصاد الموجه، إلى اقتصاد السوق الاجتماعي مروراً باقتصاد السوق الحر. كما يشكل سكانها خليطاً عرقياً وأثنياً وقومياً ويتفاوت مستوى التطور بين دولها، ويشارك عدد من أعضائها في روابط قارية دولية أخرى. وتشكل مواضيع التكامل الاقتصادي بين دولها، وكيفية الحفاظ على الأفق ومحاربة «الإرهاب» والنهوض بأوضاع دول جنوب شرق أسيا المهمات الأساسية لهذه الرابطة، والتي باتت تمثل عنصر صراع- تنافس دولي. وقد شهد اجتماع المنتدى الإقليمي هذا الذي دعت اليه آسيان، مشاركة دولية واسعة (أميركا، روسيا، الصين، الاتحاد الأوروبي) فضلاً عن عدد من التكتلات والروابط أكدت حجم الاهتمام الدولي بهذه المنطقة، وتالياً صيغ وأشكال التعاون معها، «دولاً ومجموعة» القائمة والمستقبلية. إضافة إلى القضايا الرئيسية المدرجة على جدول أعماله، فقد أبرزت بعض نقاشات الوفود المشاركة وخاصة الوفد الأميركي برئاسة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حول ملفي كوريا الديمقراطية وطبيعة النظام العسكري في ميانمار بورما سابقاً، ففي الوقت الذي تبنى فيه اجتماع المنتدى قراراً يدين التجارب النووية لبيونغ يانغ وإطلاقها صواريخ باليستية!! وهذا مارفضه الوفد الكوري الديمقراطي المشارك في أعمال المنتدى، جدد الاجتماع دعوته قادة المجلس العسكري الحاكم في ميانمار اطلاق سراح زعيمة المعارضةاونغ سوتشي، وإجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة العام القادم. يشار هنا إلى أنها دعوة مكررة تؤكد عليها الرابطة في اجتماعاتها الوزارية، وفي قممها أيضاً منذ سنوات. كما شهد الاجتماع إقراراً أميركياً بتقصير الإدارة السابقة (الجمهورية) في التعاطي مع منطقة جنوب شرق آسيا ورابطتها الأهم، وخروجها من دائرة المنافسة لصالح دول باتت تمثل عاملاً رئيسياً في العلاقات الاقتصادية للرابط كالصين وروسيا والاتحاد الأوروبي..الخ. واستداركاً لهذا التقصير وبدء معالجته، جاء توقيع كلينتون مع معاهدة صداقة وتعاون مع آسيان: (تلزم الدول الأعضاء بحل النزاعات سلمياً وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى!! ورغم الإقرار الأميركي بهذا التقصير، فإن كلينتون أقحمت مسألة الملف النووي الإيراني في نقاشات المنتدى، وأشارت إلى نقطتين هامتين: -استمرار الحوار مع إيران للوصول إلى حل لأزمة الملف النووي الإيراني. -استعداد واشنطن لتعزيز «دفاع شركائنا في المنطقة» وتوفير مظلة دفاعية في الخليج لمواجهة احتمال امتلاك إيران سلاحاً نووياً. ورغم أهمية وغموض آليات عمل النقطة الأولى، فإن النقطة الثانية تشير بوضوح إلى عسكرة المنطقة أو ربطها بشبكات دفاع أميركية، وتالياً تعزيز النفوذ العسكري الامريكي من جهة، وإرهاق اقتصاديات هذه الدول من جهة أخرى. باحث في الشؤون الدولية |
|