|
شؤون سياسية إن المشكلة تكمن في عدم وجود رؤية عربية واحدة تؤدي إلى موقف صلب يدفع الإدارة الأميركية إلى إرغام إسرائيل على الاستجابة لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وضرورة تحديد سقف زمن لسريان هذه المادة. واختتمت مقالي هذا بالقول: إننا اليوم بأمس الحاجة للإسراع بلم الشمل العربي ووضع رؤية واحدة للتعامل مع القضايا المصيرية في ضوء ما طرحه الرئيس أوباما. وجاء خطاب السيدة كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية المسؤولة عن تنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، موضحاً ما طرحه الرئيس أوباما في خطابه إلى العالم الإسلامي وخاصة فيما يتعلق بعملية السلام والصراع العربي الإسرائيلي، حيث اعتبرت السيدة كلينتون أن المبادرة السعودية - التي أصبحت مبادرة عربية - غير كافية، وطالبت القادة العرب باتخاذ خطوات ملموسة للتطبيع مع إسرائيل. بداية أؤكد أنه من المفيد التعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة بإيجابية للوصول إلى تفاهمات قد تكون المدخل لدفعها إلى السعي لإرغام «إسرائيل» للاستجابة إلى صوت الحق والعدل والتخلي عن غطرستها المعتمدة على القوة التي تمدها بها الولايات المتحدة الأميركية بشكل أساسي. أعود إلى خطاب السيدة كلينتون وأقول لها: إن العرب قدموا من خلال المبادرة التي سميت مبادرة السلام العربية أقصى ما يمكن تقديمه، وأعتقد أن أي تنازل جديد سيخل بعملية السلام برمتها، وكنت أتمنى أن تطالب السيدة كلينتون إسرائيل بالتوقف والتراجع النهائي والكامل عن الاستيطان تمهيداً لإقامة الدولة الفلسطينية، الدولة ذات السيادة وليس الكيان الذي يحمل اسم الدولة ومضمونه ومحتواه سلطة محلية فارغة وفق الشروط التي أعلنتها مؤخراً الحكومة الإسرائيلية. وأسأل السيدة كلينتون هل من المفيد لإتمام عملية السلام أن يبادر العرب للتطبيع مع إسرائيل قبل توقيع اتفاقات السلام العادل والشامل؟! في الوقت الذي يعلم فيه الجميع عرباً وأوروبيين وأميركيين والعالم كله أن إسرائيل لاتعطي إلا أقل بكثير مما تأخذه وتشتهر بأساليبها في المماطلة والتسويف. إن التطبيع لا يجوز أن يتم بأي شكل من الأشكال قبل إعادة الحقوق العربية وتوقيع إتفاقات السلام العادل والشامل وفق قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مدريد وأنا أرى أن عملية التطبيع بمفهومها الدستوري والفلسفي لا يجوز أن تتم من خلال فرضها باتفاق أو أي نص قانوني، بل يجب أن تتم بإرادة شعبية من جهة ومن خلال مصلحة الدولة من جهة أخرى. وحول ما قالته السيدة كلينتون عن شجاعة زعيمين عربيين في توقيع اتفاقات سلام مع إسرائيل أقول لها: إن الشجاعة بمفهومنا نحن العرب والمسلمين هي فضيلة، والفضيلة هي التي تقع بين رذيلتين، كالشجاعة إذا زادت درجة تصبح تهوراً وإذا نقصت درجة تصبح جبناً. وأثبتت الأيام أن عدم إقامة السلام الشامل من خلال مؤتمر مدريد وعقد إتفاقات منفردة، قد أضر بعملية السلام من حيث النتيجة وجعل «إسرائيل» تتمادى في عدوانها، وبقيت القضية الأساسية قضية العرب المركزية القضية الفلسطينية دون حل حتى يومنا هذا، ومن هذا المنطلق يكون سؤالنا مشروعاً: هل أدت اتفاقات السلام المنفردة إلى الإسراع بتحقيق السلام العادل والشامل أم جعلت «إسرائيل» تكتفي بما حققته. إن الشعب العربي في كافة أرجاء الوطن العربي لا يرغب على الإطلاق في معاداة ومواجهة الولايات المتحدة الأميركية، بل على العكس تماماً يرغب في إقامة علاقات طبيعية معها وفقاً للمصالح المشتركة، شريطة أن تتخلى الإدارة الأميركية عن دعمها اللا محدود للكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني والعرب عموماً. ومن هذا المنطلق نأمل من الإدارة الأميركية الجديدة ألا تستخف بالعقل العربي، وأن تعيد النظر باستراتيجيتها وسياساتها بما يؤدي إلى تغيير صورتها في العالم العربي من خلال تحقيق السلام العادل والشامل، وبما يؤدي إلى تحقيق التوازن في النظام العالمي وخاصة في المجال الاقتصادي. وريثما يتحقق ذلك ولضرورات الأمن القومي العربي لابد من إتمام وتكريس المصالحات العربية تمهيداً لوضع رؤية عربية موحدة يكون من خلالها الحكام والشعوب في مكان واحد. أختم بالقول: إننا نحن العرب والمسلمين دعاة سلام ومحبة، ونحن في سورية جعلنا السلام خيارنا الاستراتيجي فهل «إسرائيل» هي كذلك. وريثما نحصل على الإجابة علينا أن ننتبه ألا نقع في الفخ. وزير سابق |
|