|
ثقافة
ما يلفت، عدم توقف فضائياتنا عن تغطية هذه الفعاليات وإجراء اللقاءات والندوات والحوارات، ومع زوارٍ أو مشاركينَ أو حتى عرب مهتمين.. المميز في هذه التغطيات، أنها تفيد كلّ فئات أبناء مجتمعنا، ومن خلال مضامين الحوارات التي تتناولها وتقدم صورة تربوية، ثقافية، أدبية، شعرية، سينمائية، مسرحية، فكرية. الصورة التي وإن كنّا نتمنى أن تكون فعلاً بالمستوى الذي تُظهره، إلا أنها تكفي لجعلنا نصفع بها، كلّ من سعى لتدمير حضارة وإرث وثقافة بلدنا، وكلّ من تآمر عليه وساهم في تخريبه وهدمِ بنيانه وتشويه مظهره. نعم هذا ما يميز هذه التغطيات، وهذا ما يصفع برسالته أعداء سوريتنا.. رسالة جميع الفعاليات التي تُقام وبمختلف نشاطاتها. تلك التي نختار منها وعلى سبيل المثال، معرض الكتاب الذي انتهى مؤخراً في مكتبة الأسد الوطنية، والذي كان ملتقى لفنونٍ عديدة قُدِّمت في باحاتٍ أو قاعاتٍ، لأول مرّة تشهد هذه الأعداد الكبيرة من عشاق القراءة والفن والفكر والسياسة والموسيقا والترجمة والمسرح والسينما والوثائق والمخطوطات التاريخية. ما يلفت أكثر، ويهمُّنا الاهتمام به، ما تناولته الندوات التي أقامتها فضائياتنا، ولاسيما «سوريا دراما» التي ركّزت على «غنى ثقافي سوري» استضافت لأجل الحديث عنه، مختصين ومترجمين هم: رئيس الهيئة السورية للكتاب، الدكتور المترجم «ثائر زين الدين» ولا يحتاج منا لشهادة، بل نحتاج لمثابرته في جعلِ «المشروع الوطني للترجمة» سبيلاً لما أراد ونريد منه، أن تكون ثقافتنا وآدابنا في متناول كلِّ العالم الذي أخذ عن فكر وثقافة وفنون وعلوم وحضارة السوريين. أيضاً، مدير مديرية الترجمة في الهيئة السورية للكتاب.. المترجم «حسام الدين خضور» الذي بيّن لنا ما ردَّ به فضولنا، وهو تقديم حصيلة الترجمات التي شهدت «باختلاف اللغات المُترجم عنها» إنتاجاً وفيراً ضمن إصدارات هذا العام. كل ما ذكرناه، أكّده المترجم-الدكتور «غسان السيد» وبإشارته إلى الكتب الكثيرة التي تُرجمت، والتي اختار منها ما يحتاجه المواطن السوري، ولاسيما في هذه المرحلة، ويتعلق بـ»علم النفس الإيجابي». مثالٌ آخر، حفلات توقيع الكتب التي كانت تقام يومياً وتستضيف فضائياتنا خلالها الكثير من الأدباء والشعراء والكتاب والناشرين، إضافة إلى الفعاليات المرافقة التي أتاحت تغطيتها للمشاهد، التعرف على الكثير من الشخصيات الثقافية والأدبية والفنية التي لم يكن يعرفها أبداً غالبية السوريين. باختصار، هي تغطيات وحوارات وندوات، يدفعنا نشاطات فضائياتنا التي تسارع لمواكبتها للتساؤل: لِم لا يتم الاهتمام وعلى مدار العام، بتغطية وإقامة هكذا حوارات وندوات؟!... باستقطاب مثقفين وأدباء وشعراء ومترجمين وفنانين وسينمائيين نحن بحاجة لسماعهم ومعرفة أحوال فنوننا وثقافتنا من خلالهم.. بحاجة لاستدعائهم كي يرتقوا بمجتمعنا، ويعيدوه إلى حقيقته التي هي حقيقتهم وحقيقتنا. هي أسئلة متاحة لكلِّ من يُتابع وشاهد معنا، الأعداد الكبيرة والنهمة لمتابعة هكذا فعاليات.. لكلِّ من يشعر ولاسيما في هذه المرحلة القاتمة والمأساوية، بأهمية أن نعود إلى ما امتلكناه من أخلاقٍ وقيمٍ إنسانية-فكرية-حضارية. بالتأكيد، نحن نخاطب القائمين على فضائياتنا، والمعنيين بإعداد برامج تليق بمتابعيها وثقافتنا. لكن، هل من يلبّي؟. نتمنى.. فعلاً نتمنى، وإلا فإن الحرب الثقافية التي بدأت مُذ أول محاولة لتغييب وعينا، وتدمير إرثنا، مستمرة وقد يتفاقم بعدها، ما يراد منه عجزنا عن العودة إلى ماتتطلّبه وتستحقه بجدارة أصالتنا. |
|