|
ثقافة
غير محدود التدفق.. ومع ذلك يبقى ضمن قوالب سمتها السيولة ليست بذات قوام صلب واضح.. هل يتدفق وجودنا فعلياً صوب آخرٍ حقيقي..؟! وإلى أي مدى يصبح، بأبعاده الافتراضية، واقعياً ملموساً في حياتنا اليومية..؟ في كتابه «الحب السائل» وصف زيجموند باومن العلاقات التي تنشأ عبر منصات التواصل الاجتماعي بعلاقات الجيب العلوي.. إنها علاقات مؤطرة ومحبوسة ضمن فترات إطلاق سراح أجهزتنا الذكية من جيوبنا.. كما يمكن أن يفهم من تعبيره.. لكنها بواقع الحال ليست كذلك.. لا هي محبوسة ولا محدودة بوقت معين.. فعلياً.. هي من يحبسنا بما توهمنا به من علاقات.. وتحوّلنا إلى مدمنين.. وربما إلى بلهاء مخبولين.. ليس لدينا أفضل من الجلوس أمام شاشة نخالها تمنحنا ما نتمنى ووفق شروطنا. الكثير من الدارسين المختصين بتأثير منصات التواصل الافتراضي، يرون أنه وعلى الرغم من الوعود الكثيرة التي تعدنا بها مواقع التواصل الاجتماعي بتعزيز علاقاتنا، إلا أنها في الواقع تزيد من وحدتنا وتقف عائقاً أمام إنشائنا علاقات أكثر حميمية وصدقاً. أحد الكتّاب يرى أن الفيسبوك يشجع «على إنشاء علاقات إنسانية سطحية لا عمق فيها، تبدأ بكبسة زر وتنتهي بالأمر نفسه... وهو ما يمثل تهديداً للحياة الاجتماعية لجيل المواطن الرقمي ممن لم يسعفهم الحظ لتكوين علاقات إنسانية طبيعية قبل النشأة في أحضان الفيسبوك». ومما يزيد سوء الموقع الأزرق كونه «مرآة تتنكر على أنها نافذة»، تزيد من انعكاس صورة بعضنا.. فيتحول الآخرون إلى مجرد مرآة يرى من خلالها نفسه لا غير.. «يدفعنا لتركيز الجزء الأكبر من انتباهنا على أنفسنا، فيما يظهر بأنه يدفعنا للعكس نحو إقامة علاقات مع الآخرين... يشجعنا على التواصل الذي يعزز تقديرنا لأنفسنا، لا صلتنا بالآخرين. فالعلاقة تتحول إلى صورة وتعليق وإعجاب وتبادل بارد للتعابير الإلكترونية». ويعبّر عن ذات الفكرة باومن بقوله: «الفرق بين مجتمع وشبكة هو أنك تنتمي إلى مجتمع، بينما تنتمي الشبكة إليك. أنت تشعر بأنك مسيطر، تستطيع إضافة الأصدقاء الذين ترغب بهم، تستطيع حذفهم إذا أردت. أنت تسيطر على الأشخاص المهمين الذين ترتبط بهم. يشعر الناس بشعورٍ أفضل قليلًا كنتيجةٍ لذلك، لأن الوحدة، الهجر، هي أعظم مخاوف عصرنا الفرداني... لكن معظم الأشخاص يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي ليس للاتحاد، ليس لتوسيع آفاقهم، ولكن على العكس، ليخلقوا لأنفسهم منطقة راحة حيث الأصوات الوحيدة التي تصل إليهم هي صدى صوتهم، حيث الأشياء الوحيدة التي يرونها هي انعكاسات وجههم. وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة للغاية، إنها توفر المتعة، لكنها فخ».. ومن ضمن معاني «الفخ» الذي قصده باومن، على سبيل المثال، العدد الهائل من حسابات وهمية تطرح على تلك المنصات، مثل «إنستغرام»، والذي ما إن تتابع من خلاله شخصية مشهورة بعدد من حسابات تحمل اسمها حتى تقع في مصيدة بعض الذين يختصون بـ(التصيّد،(Trolling, لغاية تحصيل أموالٍ من معجبي المشاهير عبر انتحال شخصياتهم «افتراضياً». إنها فخ متاهات غير مضبوطة تزيد من نسبة الوهم في حياتنا.. على الرغم من كل إيجابياتها lamisali25@yahoo.com">المفترضة. lamisali25@yahoo.com |
|