|
معاً على الطريق سواء في الفكر أو في الثقافة. أو في العادات. لا بد لهذا الدمار الخارجي من أن تصيبنا بعض شظاياه الجارحة.. سنحاول التصدي للألم..لكن كيف؟ ستنشأ مصطلحات جديدة وقيم جديدة وثقافة مختلفة , لأن مجتمعاً جديداً سينشأ بعد هذا الركام المجبول بالدم والصرخات الموجعة..ولأن كل هذه التحولات مرتبطة بشكل ديناميكي مع التحولات السياسية والاقتصادية والدينية والعلمية..فماذا ينتظرنا غير تحطيم الكثير من المفاهيم والآمال والرؤى الفكرية ليبزغ إنسان جديد خارج من الركام؟ لكن كيف سيكون شكل هذا الإنسان؟ هل هو بذقن طويلة ولباس وهابي؟ أم هو بربطة عنق وسترة أوروبية؟ أم سيكون منسجماً مع جلبابه وعباءته وذقنه المصبوغة بالأحمر؟ أم هو ذاك الذي كنا نأمل أن يولد من رحم العاصفة؟ أما المرأة؟؟ المرأة التي كانت نصف المجتمع عدداً وربعه المعطل عن العمل. صارت بعد ركام الحرب ثلاثة أرباع المجتمع.. ربع معطل عن النور والحياة ويختبئ في كيس اسود مجهز لتلبية رغبات الأمراء..وربع ظالم لنفسه ولإنسانيته بخنوعه وتحوله إلى مجرد رقم يتمشى في الصحراء الجاهلية.أما الربع الأخير فهو الذي ضيع الجهات ولا يعرف أين يتجه.هل حواء حقيقة؟ هل الوعد حقيقة؟ هل ما سطره التاريخ كذبة؟ هو ضياع في ضياع.والركام يزداد ارتفاعاً .القناديل مطفأة..وشموع المستقبل مطفأة.ومع مرور الوقت يصبح هذا الركام واقعاً , فتتكرس المصطلحات والصور المستجدة ويفلت من يدنا كل الذي حفرناه من خطوط وبصمات منذ الفتوحات الإسلامية حتى الآن. وعلى ذكر الفتوحات الإسلامية..هل تسمحون بطرح الأسئلة حول هذه الفتوحات وحول أبطالها المبجلين؟ وهل صدق التاريخ فيما كتب أم أن التاريخ القديم يحتاج إلى تصحيح؟ السؤال عادي.لأن ما يحدث اليوم من تزوير وتزييف وطمس للحقيقة على الرغم من التطور الهائل في نقل الصورة عبر الأقمار الصناعية التي حولت العالم إلى قرية صغيرة تتحرك تحت مجهر يرصد كل شيء ويبث كل شيء في نفس اللحظة جعلنا نقع في الشك لأننا لا نعرف كيف نصل إلا إلى الحقيقة الغائبة. أما الحقيقة الساطعة الآن..فهي أننا نعاني الغربة القاتلة في المكان والزمان.. ومع مكونات المجتمع كله..فهل هذا من صناعة يدنا أم من صناعة الغرب.؟ كأننا بشر آليون تحركنا ثقافات ليست منا. وعادات لا تشبه عاداتنا..حتى إننا حين ننظر في المرآة نجد أننا لا نشبه أنفسنا.. غرباء عن حالنا وعن بيوتنا. دمرت الحرب ذكرياتنا وعاطفتنا وجزءاً كبيراً من إحساسنا.لم نعد نفرح كما أيام زمان..ولم نعد نبكي أيضاً كما كنا نبكي.. نحن مجرد طابور بشر يمشي بين الركام ولا يلتفت. أحياناً قد يلتقط رأساً مقطوعاً وأحياناً يمسك بلعبة طفل.. ولكن لا ينحني لقصيدة ولا يتمتم بكتاب.. هذا الحبر ليس لنا.. وهذه الأقلام التي مجّدها القرآن الكريم لا تخصنا.. ما يخصنا السيف والساطور والحديد والنار.. و. إن عودتنا إلى وعينا من جديد سيكون مغامرة محفوفة بالمخاطر. لأنه غير مسموح لنا الآن بالعودة إلا إلى الوراء..العقل إلى الوراء والحكمة تحت رحمة الساطور. ليتقدم الأسود القاتل الآن..ليتقدم الركام المجبول بالدموع والدم..ولكن هل مسموح أن نجلس فوق تلال الركام ونراقب الغربان الغريبة التي تغط على عقولنا؟ هل مسموح أن نسال التاريخ عن هويتنا وحضارتنا ومورثاتنا التي تهجنت وخلت من الكرامة والعروبة والتسامح والحضارة؟ لا أعرف هل سنقرأ التاريخ أم أن التاريخ سيقرؤنا؟ هل سيكون لدينا في المستقبل القريب سجل وكتاب ومثقف منتم يرفع صوته ويقول (اليوم دور القلم، ابعدوا الساطور، هاتوا القرطاس والحبر واكتبوا.. اكتبوا التاريخ الذي يليق بشعب قدم مئات آلاف الشهداء لتبقى سوريا..اكتبوا حتى لا تموتوا وتصبحوا حطباً تحرقه الامبريالية لتتدفأ من صقيعها الأخلاقي). ستطول الحكاية ولن تقدر الكتابة الآن على وضع النهاية.لا بد من مراجعة كل المنظومات القديمة دون خوف من التأويل أو الاجتهاد حتى لا تكون التحولات الاجتماعية هدامة إلى درجه قد تضيع جغرافيا وطن ومعالم شعب وتاريخ أمة تعلمت أن تخرج من نكبة لتدخل في أخرى وتخرج من ركام إلى ركام أكبر. مع ذلك.التحولات الكبيرة تحتاج إلى ركام كبير. |
|