تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأقاليم القزمة والدول الاتحادية ...

نقش سياسي
الأربعاء 24-8-2016
أسعد عبود

ما يمكن أن نستطلعه من نيات للدول الكبرى، مبيتة أو جديدة، أنها تقبل وتوافق على مشاريع لدول المشرق العربي، وأبعد من المشرق، ظاهرها دول اتحادية! بل هي تشجع عليها.

إذا افترضنا حسن هذه النيات و أبعدنا عن أذهاننا الشك و «نظرية المؤامرة»، المذمومة رغم صوابها أحياناً كثيرة، نتجه باستنتاجنا مدفوعين بفرضية حسن النيات لدى هذه الدول الكبرى، أنها تقيسنا عليها. الولايات المتحدة.. المملكة المتحدة.. الجمهورية الاتحادية..إلخ.‏

نتجاوز خصوصيات الدول والشعوب.. نتجاوز تاريخها أيضاً الذي كانت فيه دولاً موحدة غالباً واتحادية أحياناً «أواخر عهد الخلافة العباسية»، وما زالت نسبة هامة من شعوبها تحن إلى ذاك الفردوس المفقود.. نتجاوز هذا وذاك... لكن.. هل نستطيع تجاوز الجغرافيا!؟.‏

دول المنطقة بمعظمها دول صغيرة.. لا ينفع معها تقزيم ولا تجزيء ولا تقسيم، إلا إن اتجهت النيات إلى خرابها وتصفيتها وتركها شموعاً في مهب الريح. لا يمكن قياسها على الدول الاتحادية الكبرى التي رغم عملقتها خاضت حروباً أهلية لسنوات عادة من أجل اتحادها، فما بالكم بما يمكن أن يجري بهذه الدول الفقيرة شبه المتخلفة..!؟‏

جمهورية واحدة من اتحادات الدول الكبرى أقوى وأعظم وأكبر من معظم الدول العربية. خذ مثالاً كاليفورنيا بالولايات المتحدة الغنية بكل شيء وفيها مدينتان كل منها يسكنها عدد من السكان أكبر من عدد سكان معظم الدول العربية..؟!‏

لا شك أن للدول الكبرى الحق أن يصرخوا في وجوهنا: دقنا ذرعاً بكم... رغم أن فينا كثيراً مما نعانيه تسببوا به هم بتقسيمنا!! فما بالهم عادوا لسياسة تقزيم دولنا مرة أخرى و قد ضاقوا ذرعاً بنا؟؟؟‏

هل يعتقدون أن توزيع دولنا إلى أقاليم تتبع معتقدات أو أثنيات أو قوميات سيخفف من مشاكلنا و يجعلنا نهتدي للعقل...؟ يعني إن توزعنا على دول اتحادية، ألن يبقى بيننا من يرفع سلاحه ويشحذ سكينه مطالباً بدولة الخلافة.. بالثأر.. بالانتقام.. بتصحيح التاريخ..إلخ..؟؟‏

فكرة الدول الاتحادية هي فكرة لتكريس واقع حربي تخريبي مأساوي قائم و ليس أبداً للخروج من المأزق.‏

إن كانوا صادقين، هل يقبلون بأن تقيم مجموعة من دول المشرق، الدول العربية مثلاً، دولة اتحادية فيما بينها؟؟ أم إن القزمية والعداء على الهوية شرط للدولة الاتحادية التي عنها يتحدثون؟‏

أو إن كانوا صادقين فليبذلوا جهدهم بالضغط على اسرائيل لتقبل بدولة اتحادية مع فلسطين.. هم لا يقبلون حتى مواطنية الفلسطيني في دولتهم وعلى مرأى ومسمع من الدول الكبرى والصغرى، يطالبون بيهودية كيانهم..‏

ولتتذكر الدول الكبرى.. وليتذكر الغرب أن تجربتهم في اقامة دولة اسرائيل تطلبت عديد الحروب وملايين المشردين واستمرت بمساعداتهم التي يجب ألا تتوقف وإلا توقفت الدولة المزعومة.... واليوم هم يشجعون توجهات لا تخفي استلهامها التجربة الصهيونية في فلسطين.‏

الدولة الاتحادية المشرقية بأقاليمها القزمة لن تخدم مصلحة أحد وأول من يجب أن يتنبه ويرفض هم شعوب المنطقة، عرباً وفرساً وتركاً وأكراداً.. و...طوائف وأقليات وأثنيات.‏

فهل يتنبه أحد ..؟‏

As.abboud@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية