تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عندما يقلُّ العشق.. يكثر الشخير؟!

آراء
الخميس 9-1-2014
حسين عبد الكريم

العشق من أهم الفواكه الفصولية والشمولية؟! وهو قارع طبول اللذات الحميمة والحنونة.. وقدر صعب ومشاكس و(مشكلجي) هادف ومميز وهادئ ومجنون؟!

ولا يصحُّ أن العشق وصفة طبية أو نموذج طبي مجاني، لا يمكن بيعه.. هو قدر احتياطي ورئيسي.. شخصي وشامل.. ذاتي وإنساني.. محلي وعالمي.. بيئي ووطني..‏

تُخلق المخلوقات ومعها عشقها وخصائص حزنها ومحاسنها.. ووقتاً بعد وقت تكبر الشجرات وتتسع حدود النفوس.. وتتعدد البشارات وعلامات العبود..‏

قبلة من القلب تشعل شمس الشفتين، وتطرب الحواس وتبتكر مسيرة مظفرة لعشق بكامل قواه العقلية والعاطفية..‏

هل يصبح العشق رجعياً ومتخلفاً مثل الاستعمار والرأسمالية الطاغية والامبريالية؟! يغدو العاشق رجعياً حين يتوقف عن الحب ومعلومات الشوق وفضائل الذوق والتوق..‏

الاستعمار لماذا هو رجعيّ لأنه طفيليٌّ على أرزاق وخيرات الآخرين: يسرق وينهب ويكذب ويزور ويدمر.. ويطبل ويزمر؟!‏

أما العشق فهو استثمارات نفسية متبادلة ومدهشة لطرفي النزاع واللقاء..‏

معارك العشاق وصراعاتهم وخلافاتهم نبيلة وتبدأ من سواحل القلوب وتهب من عندنا عواصف راقية مصحوبة برغبات برية وبحرية لكنها غير قاتلة ولا تقتلع أشجار غابات الأحباب، ولا تقوم بإحراق هوايات الأغصان، ولا تتآمر على العصافير والسماء والألحان وتؤمن بحقيقة كبرى وسامقة هي الإنسان: الرجال والنسوان.. والشيوخ والولدان.. الأنهار والغدران.. البحار والشطآن..‏

مبتدأ العشق رحماني وحداثوي وأصيل وخبره مثله.. لا تحصل فيه الخطاطات وزلازل فاجعية.. وإن حصلت فهي غير عشقية.. لا يوجد عاشق في التاريخ يقتل أو يخون قضيته المركزية قلبه أو وطنه أو عيشه أو شمسه وسماءه..‏

العشاق لا يخونون نجومهم.. يؤلف كل عاشق برقاً أولاً.. ويبحث عبر سنواته عن منجم واحد مليء بخامات الآمال والتفاؤل.. وهذا المنجم لا يوجد إلا في قلبه أو قلبها..‏

وماذا بعد؟! وأما بعد؟! وفيما يأتي؟! لماذا يقايض العشاق بالحاجات على قلوبهم وأماني عشقهم؟! يتركون للواقع أن يعيب عليهم أحقية الألفة والتجدد ومعلومات الأشواق ويوميات الألق والأناقات الأنوثية والرجولية؟!‏

يعبث الواقع بأغراض الحنين ويكسرُ شوكة عزِّ السنين...‏

ويزرع الأنين ويستبدل دلال الضحكات والقبلات الفارعة بالصراخ والشخير اللعين؟!‏

نسمح للواقع السيئ السمعة والصيت أن يستعمر حواسنا ورغباتنا وأملاك أعصابنا.. ويحيل الوقا والشوق على المعاش والتقاعد والإعانات العاطفية:‏

من محال الله ضحكة وقرض تسليف غرام ووئام وعشق وكلام وسلام؟!‏

بالإعانات لا يحيا العشق.. والرجعية والتخلف مصيران قاتمان؟!‏

لا بدّ من اقتلاع الشخير من أقدار العشق لأنَّ الحب يجب أن يبقى سيداً..‏

لا يوجد عشقٌ عبدٌ!؟!‏

العبودية والسيادة مقاسات وجدانية وليست عقارات وبيع وشراء؟؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية