|
على الملأ وما هي تلك المتعة المُحقّقة بعرقلة أعماله، والتي ظهرت وقتما بدأت الحكومة في نهاية ثمانينات القرن الماضي، بسحب بساط القانون رقم (1) لعام 1976 من تحت هذا القطاع.. وأكملت سحبه في بداية تسعيناته..؟! أجل.. صودِرَ ذلك القانون الحضاري المرن من خلال بلاغات وقرارات متلاحقة قضمت مفاعيله حتى وصل الأمر إلى شلل العمل به، وصار القطاع العام الإنشائي يعمل مُقوّضاً ببلاغات وقرارات يسيرُ بضوء شموعها الضعيفة، بعد أن أُطْفِئ الضوء المبهر القوي للقانون الذي أُسّس عليه..! وقد أبهرنا هذا القطاع في عقد الثمانينات بإنجازاتٍ هائلة من المصانع والمستشفيات والجامعات والسدود ومشاريع استصلاح الأراضي التي قفزت بالبلاد إلى مرابع أمنٍ غذائي غير مسبوق، وأنشأ الكثير من المباني الحكومية الضخمة، والمدن الرياضية والعمالية والضواحي السكنية، ونفّذ الكثير من الشبكات الضخمة التي صارت كالشرايين تنقل الخدمات للناس، وتختصر المسافات، شبكاتٍ لنقل الكهرباء، والهاتف امتدّت على طول البلاد وعرضها، وشبكات طرقية وأوتوسترادات مترامية الأطراف، وعقد مرورية وجسور ضخمة، فجسر الرئيس الأسد الذي ربط البرامكة بأبي رمانة، وغدا واحداً من أبرز معالم دمشق، صار بأيادي وعرق عمالنا وجهود مهندسينا البارعين، الذين عملوا تحت جناح القانون رقم (1) وما كنّا في حينها نسمع لهم شكوى ولا معاناة، إلى أن اغتيل ذلك القانون، فابتدأت الأزمات في هذا القطاع، حيثُ سُلِبت الامتيازات، لتظهر الكثير من الاحتياجات، واهترأت الآليات ووسائل العمل، فتراجع الأداء، وصارت المشاريع تتأخّر، ونخرت الأزمات جسد هذا القطاع، فاتُّخِذَ قرار الهروب من المشكلة بدمج بعض الشركات ببعضها، ليختلط الحابل بالنابل، وازدادت الأزمة أزمات، ليتبع ذلك بعد سنوات، عملية دمجٍ أخرى، فازداد السوء سوءاً، وغدا هذا القطاع الرائد طريح المعاناة، ولا يزال حتى اليوم يكفكف الآلام والجروح التي ألمّت به. ما ذكّرني بهذه المأساة، هو ذلك المشهد المؤلم الذي يعيشه فرع شركة الطرق والجسور في اللاذقية، فعلى الرغم من الصعوبات التي يعيشها، استطاع أن يُنفّذَ أعمالاً بقيمة مليار وأكثر من 700 مليون ليرة، هي اليوم على شكل كشوفٍ وديون بذمةِ جهاتٍ حكومية، ولكن لا أحد يسدّدها له إلاّ بالقطّارة، ويعيش بحسرتها لأنه بأمس الحاجة لها لمتابعة أعماله، والأنكى من ذلك أن فرع هذه الشركة يستجدي بلدية اللاذقية كي تأمر بإيصال خط السرافيس إلى جوار الفرع لتخديم عماله ونقلهم إلى القرب من مبناه..!! لو كان ذلك القانون مستمراً لكان عمال الشركة يُنقلون بأفخم الوسائط، إن لم يكن لكلٍّ سيارته..! فأي براعة أوصلت قطاعنا العام الإنشائي إلى مثل هذه المرارة..؟! وهل انتهى الأمر هكذا..؟ أم نأمل بنافخِ صورٍ في روحه..؟ |
|