|
ثقافة كانت السنة الأخيرة من عهد شارل العاشر وكان عمر بلزاك ثلاثين عاماً وفيكتور هيغو «سبعة وعشرين» عاماً وعمر صحيفة الفيغارو ثلاث سنوات، أما في أمريكا لم يكن هيرمان ميلفيل قد بلغ ربيعه العاشر. الفكرة نشأت في باريس عندما تجمعت طبقة من الكتاب وعدد من الصحفيين حول فرانسوا بيلوز الناشر والصحفي وقرروا إصدار منشور نصف شهري هدفه مواصلة التبادل الثقافي والفني بين أوروبا وأمريكا وكان أول من تولى رئاسة تحرير المجلة هو بلزاك ثم فيكتور هيغو وتبعهما فيني وموسي ثم جورج صاند وألكسندر دوماس ومن ثم جيل جيرار نيرفال وشارل بودلير وآرنست رينان وبذلك يحق لمجلة «العالمان» أن تتباهى بأنها أعرق وأقدم منشور أدبي أوروبي يحمل أفكار الأدب الفرنسي إلى ما وراء الأطلسي وأنها أول براعم الصحافة الفرنسية في القرن التاسع عشر. عناوينها الشهيرة كانت مدهشة، لها وقعها فعلى صفحاتها نشر بودلير عام 1855 عدداً من قصائده (أزهار الشر) قبل أن يتم جمعها بعامين وعلى إثرها تعرضت المجلة للانتقاد والهجوم لكن كتاب المجلة تصدوا للمسألة وحذروا القراء ولفتوا نظرهم إلى أهمية الموضوع وألا تتعرض المجلة للسخرية. بقي فرانسيس بيلوز مديراً للمجلة من عام 1829-1877 وتبعه شارل بيلوز حتى عام 1893 ومن بعدهم تعاقب عليها كثير من الكتاب تفاوتت مستوياتهم على مدى قرن من الزمن إلى أن أعيد شراؤها عام 1991 من قبل مارك دولار شاريير الذي تعهدها وهو راع للأدباء والعلماء. اليوم أصبحت المجلة شهرية تباع في الأكشاك والمكتبات رئيس تحريرها هو ميشيل كريبو حيث يعبر عن سعادته بأنه استعاد إحدى منارات الأدب ويحيط به كبار المحررين في هذا الوقت وللتعبير عن الاحتفاء بالعيد المئة والثمانين للمجلة فقد نشر رئيس التحرير خمس رسائل لم يسبق نشرها من جيمس جويس إلى لويس جيليه وذلك في عدد شهر أيار 2009. لويس جيليه صاحب رواية (يوليس) وكان قد كتب عنها في المجلة وبأسلوب رائع في الأول من آب عام 1925. وقد اعتبرت تلك الرواية احدى دعائم الثورة الروائية في القرن العشرين لكن لا يعني ذلك أنها استأثرت بالموقع الأول. المجلة ورغم مكانتها لم تنج من الانتقادات فقد كان السرياليون يسخرون من طابعها المؤسساتي والبرجوازي والذي كان أحد معاييرها وغالباً ما كان أمناء تحريرها قادرين على التنبؤ بالمستقبل وما سيصنعه العالم يوماً بعد يوم. سيبقى رجال الأمس هم الأفضل وهم من أسس لنرى أدباء اليوم. |
|