|
ثقافة من إنتاج محافظة دمشق، قدم فيها الراقصون أجمل اللوحات، وكانت الملابس في كل لوحة منسجمة مع العصر والمكان بكل تفاصيله، أما الديكور فكان بسيطاً ومعبراً في الوقت ذاته، وأضفت الإضاءة لمساتها على العمل ليغدو غاية في الجمال. أما التأليف المسرحي والموسيقي فكان للملحن رياض مرعشلي، الذي بدأ عمله في المسرح الجامعي حيث اكتسب الخبرة في التعامل مع الجمهور، معتبراً أن جمهور الجامعة مختلف عن جمهور المسرح القومي من ناحية الانضباط والتواصل المسرحيين.. ثم درس الموسيقا في المعهد العالي.. فصقل موهبته وقدم أعمالاً مزج فيها بين الغناء والرقص مع فرقة أمية، كما قدم عملاً للماغوط باسم «لشو الحكي» حيث ألف أغاني سياسية تتماشى مع النص. وكان للأطفال حصة من أعماله حيث قدم مسلسلاً من إنتاج التلفزيون العربي السوري بعنوان «أنت مين» بالإضافة إلى قيامه بتدريس المسرح للأطفال مانتج عنه خمس مسرحيات. وآخر أعماله كان «طوق الياسمين»، حدثنا عنه قائلاً: عندما اجتمع الحكيم ومايسمى بمجلس الإنسانية بحثوا كيفية إحقاق العدالة والمحبة والسلام، وكانت النتيجة ولادة «شام» التي معها يتحقق الحلم. هي الشخصية القوية التي لاتموت ولاتقهر، تحاور الجميع على مر العصور، وتهزم المحتلين. كما أنها تربط الخيوط مع بعضها، فتواجه أصعب المواقف أكبرها وأصغرها، تتواجد في كل مكان وزمان لتحقق العدل والحب والسلام، وتحمي الجميع بحكمتها وشجاعتها وحنانها. عملت على خطين متوازيين، أكتب النص وألحنه مباشرة، حيث كان الاعتماد في جميع الألحان على الموروث الشعبي.. ففي الفترة الرومانية كانت الموسيقا معتمدة على الآلات النفخية والمارشات العسكرية. بينما في الإسلام، فكان مقام الحجاز حاضراً.. والعصر العباسي تميز برقصات السماح والموشحات لشاعر دمشق (الواقواق الدمشقي).. وفي مرحلة تيمورلنك اخترت موسيقا توحي بالرعب والخبث والخديعة على اعتبار أن دخوله إلى دمشق كان مبنياً على الخدعة. في لوحة رمضان والعيد كان النص المكتوب غنياً بالتفاصيل، وهذه اللوحة تعنيني كثيراً فلها خصوصية تتعلق بالشام، وبما يقال من أناشيد والطقوس التي تمارس قبله وخلاله، وتحضيرات الحج والعيد، ولكن تم اختصار هذه اللوحة وحذف مشهد الحج كاملاً لاعتبارات تتعلق بصعوبة تأمين حشود إنسانية ومواد فنية تغني اللوحة وتساعد على تنفيذه. كان من الضروري التحدث عن فترة مدحت باشا الذي ساعد «أبو خليل القباني» كثيراً بمشروعه الفني، وقدم له مايلزم من تسهيلات ل «مرسحه» الخاص، ولكن حمدي باشا وسعيد الغبرة حاربا هذا المشروع.. فنجد «شام» تظهر في نهاية اللوحة لتسأل: من يحارب المسرح ؟ وللأسف أيضاً لوحة غورو والاستقلال، لم تكن كما كتبتها على الورق، لعدم توافر الحشود الإنسانية لمشهد الثوار، ولمعركة ميسلون، حيث اقتصر المشهد على حوار للبطل يوسف العظمة مع بعض المقاتلين. ورأيت أن تكون خاتمة العمل في المقهى الشعبي، حيث كانت فكرتي أن المقهى ليس فقط للهو وسماع قصص الحكواتي، وإنما كان في وقت من الأوقات منتدى ثقافياً وأدبياً، حيث كان من المفترض أن تظهر شخصية أبي خليل القباني والشاعر نزار قباني، وأيضاً سعد الله ونوس ومحمد الماغوط، لكن اقتصر المشهد على الحكواتي. وأخيراً قصة الحب التي قدمت بمنتهى الشفافية والبساطة، والتي ساهمت «شام» في حل مشكلتها الصغيرة وأعادت الحبيبين لبعضهما ليسعدا معاً، ويكون العرس الشامي نهاية للعمل. خلاصة العمل أن «شام» كانت متواجدة دائماً في كل الأوقات والعصور والمراحل والتفاصيل، في كل بيت وحي وشارع تواجه وتقاوم وتساعد، هي للجميع ومع الكل، وليست في برجها العاجي. هذه التجربة هي الأولى لي كملحن مسرحي ومؤلف موسيقي، وبسبب تأثري بأعمال الرحابنة وأعمال كركلا تمنيت أن يحمل «طوق الياسمين» مزيجاً لتلك الإبداعات التي أغنت المسرح الغنائي الراقص، ودخلت في صميم تراثنا الفني الأصيل. |
|