|
مجتمع المشكلة أن أحدث التقارير العالمية قد صنفت سورية الدولة الرابعة في ارتفاع أسعار العقارات رغم كونها من البلدان النامية، وهذا يعني بشكل أو بآخر ارتفاع عدد المستأجرين وتصاعد بدلات الايجار وبروز دور الوسيط المستفيد من الطرفين المالك والمستأجر في مناخ غير صحي أو سليم... ويقال إن عدد المستأجرين الكامنين في سورية أكبر بكثير من المستأجرين الحقيقيين على أرض الواقع، وهم شريحة غير مرئية بالاحصائيات الرسمية، ولا بد أن تتصاعد أرقامها طرداً بسبب غلاء بدلات السكن وارتفاع بدلات الايجار، وانخفاض القدرة الشرائية للرواتب... اذن نحن أمام مشكلة عنوس اجتماعي على خلفية اقتصادية، ولا بد من البحث عن مقاربات جديدة للخروج منها، مع الأخذ بعين الاعتبار تحديات هذه الأزمة اقتصاديا واجتماعيا... ولا سيما أمام تعثر قروض الزواج ومشاريع السكن الشبابي التي لا يزال معظمها على الهيكل أو مجرد رقم قابل للتدوير للأعوام المقبلة... ناهيك عن ضعف مساهمة المصارف السورية في طرح مقاربات فعالة للخروج من الأزمة أمام محدودية الدخل وتعثر طالبي القروض بتوفير الكفيل، وعدم اعتمادها النشاط الاستثماري، أضف الى ذلك الأسباب التي تمنعها عن الاقراض الطويل بسبب اعتمادها أولا على رهن حق الرقبة ومعاناة هذه المصارف إذا تعثر المقترض عن السداد، من صعوبة البيع العلني وبطء اجراءاته وضآلة مبالغ التحصيل الناتجة عن البيع العلني. وضعف رأسمال هذه المصارف، وقصر مدة الودائع وخطر تقلبات العملة إذا تم الاقراض على الأمد الطويل وصعوبة تقدير قيمة العقار ضمن هوامش ارتياب مقبولة نظراً للتباين الحاد بين عقار وآخر ومنطقة وأخرى... من هنا فقد أمسك المصرف التجاري السوري زمام المبادرة وطرح بناء على دراسات مستفيضة وليس-المغامرة- عقداً اجتماعياً جديداً، نتوقع أن يساهم بطريقة أو بأخرى في تنمية مستدامة، ولأول مرة يكون المقترض (مستثمراً وممولاً بنسبة وديعته) أي بمثابة شريك حقيقي في نشاط استثماري وليس تجاريا بهدف تمويل مختلف انواع المشاريع (سكن، تجاري....) ومن دون فوائد أو حتى كفيل، هذا القرض الذي وضعتنا في تفاصيله إدارة المصرف التي أكدت بداية أنه سيتم التركيز في الفترة الأولى على المساكن من جهة، وعلى العقارات الكثيرة الموجودة على الهيكل أو الأراضي المعدة للبناء التي يمكن أن تتحول الى مساكن جاهزة (لأن في ذلك تأميناً لقيمة مضافة ينجم عنها تشغيل أكبر لليد العاملة وتحريك للاقتصاد) -لا بد من الاشارة الى وجود التأجير التمويلي لدى العديد من المصارف العالمية ومنها المصارف الاسلامية التي تطرح فكرة الاقراض الطويل الأمد، بحيث يتم التأجير لفترة محددة تنتهي بالتمليك إذا التزم المستأجر بتسديد الأقساط المطلوبة أثناء فترة الاقراض . كيف استفدتم من هذا البند؟ نحن تجاوزنا هذه المصارف بأن جعلنا التمليك بداية وليس نهاية الاقراض.. بالاعتماد على تقييم بدل الايجار والممكن تحصيله من أي عقار وهذا أسهل بكثير من تقييم قيمة العقار ذاته.. والطلب من أي مقترض حداً أدنى من الأمان للمصرف المقرض من خلال وديعة (تغطي سنتين على الأقل من الأقساط الشهرية) وألا تكون أجرة العقار السوقية أقل من أجرة العقار المعيارية التي يظهرها البرنامج الحاسوبي للقرض... اذن لا بد بداية من وديعة؟ بالطبع ، ولن يعترض المقترض على وضع وديعة يستردّها في نهاية القرض، إذا علم أن قرضاً مجانياً (مساويا لها بالقيمة) سيمنح له طوال فترة القرض بلا فوائد ... كما أن المقترض لن يعترض عندما يعلم أنه سيشارك المصرف بالربح المحصل شهريا بنسبة وديعته، ولكنه سيفقد الحق في حال تعثره بالتسديد.... وماذا بعد الوديعة؟ تسدد باقي قيمة العقار دفعة واحدة الى البائع على اساس الحصول على حق الايجار والتأجير طوال فترة القرض. وبالمقابل سيستردها المصرف في كل عام على شكل أجرة تتغير في حال تغير التضخم المعلن من قبل المصرف المركزي . كثير من المواطنين الذين سبرنا آراءهم في القرض الشامل اقترح الاعفاء من دفعة الوديعة، أو تخفيض نسبتها عن 30٪ من إجمالي القرض المطلوب... هل هذا متاح؟ هذا مرهون بالجهات الوصائية التي قد تعفي أسر الشهداء مثلا من دفع هذه الوديعة وتسددها عنها أو تخفض نسبة الوديعة الى شرائح أخرى من ذوي الدخل المحدود. مع الأخذ بعين الاعتبار، أن وجود الوديعة لا يعود بالفائدة على المصرف بقدر ما يعود على المتعامل في تخفيض القسط من خلال عوائدها وكذلك منح المتعامل المرونة في تحديد القسط حسب امكاناته ومستوى دخله بالاعتماد على العوامل التالية: قيمة العقار، والوديعة المطلوبة، ومدة الاقراض.. فالقرض الشامل لا سقف له، وليس حكراً على شريحة دون أخرى كما يمثل هذا القرض أداة توزيع عادلة نسبيا بين فقير وغني وبين مدخر ومقترض، بحيث يحقق حلم السكن لشرائح كثيرة، وبأقساط مغرية، وشروط مشجعة... لو حاولنا التركيز أكثر على صدى القرض الشامل اجتماعيا ماذا تقولين في مميزات هذا القرض عدا عما ذكرت آنفاً؟ سيؤدي هذا القرض الى تخفيض تكاليف قروض السكن وبدلات الايجار بشكل ملموس، ويلغي الوساطة ويساهم بشكل فعّال في التخلص من السمسرة على الأدوار في الجمعيات السكنية، كما سيخفف ظاهرة جامعي الأموال، وتخف الحاجة لتخزين القيم بالعقارات... أيضا يمكن لمن يرفض الفوائد سواء من المقترضين أو المودعين أن يجد بهذا القرض أداة مناسبة لقناعاته... والأهم من كل ذلك أن من مميزات هذا القرض تحقيقاً لدور الدولة مباشراً في اقتصاد السوق الاجتماعي، وايجاد آلية لتشجيع السكن في مناطق أكبر من غيرها(نائية، مرغوب بتنميتها، حيث يمكن أن يستفاد من هذا القرض في مجال السكن وفي مجال التمويل الاستثماري أيضاً، وخاصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ، كما يمكن الاستفادة منه في حالة توسيع المشاريع القائمة أو في طلب القروض الصغيرة التي يكون العقار فيها أحيانا موجوداً لدى المقترض ولكن تنقصه آليات الإقلاع بهذا النشاط.... |
|