|
الديلي ستار ومعضلة كوريا الشمالية، والحرب الدائرة في كل من أفغانستان وباكستان. في الوقت الذي لم يتم به الاتفاق على قضية أخرى ولم توضع الحلول المناسبة لمعالجتها ألا وهي المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية. فهل سيتسنى للطرفين التوصل إلى إيجاد حل لتلك المعضلة؟ في لقائه مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون، أبدى ليبرمان اعتراضه على طلب الولايات المتحدة تجميد البناء الاستيطاني بما في ذلك ما يسمى «بالنمو الطبيعي» للمستوطنات الحالية. وقال لكلنتون: «لا نستطيع أن نخنق أنفسنا، فثمة أطفال يولدون، والناس يتزوجون، ويتعين علينا، على الأقل، أن نوفر لهم حياة طبيعية» ذلك ما أدلى به مسؤول اسرائيلي رفيع المستوى حول اللقاء المشار عنه. لا ريب أن الاحتجاجات الإسرائيلية كان لها وقعها وتأثيرها الكبير على الإدارات الأمريكية السابقة. تلك الادارات التي كانت تدعو بشكل علني الى وقف بناء المستوطنات، لكنها لا تلبث حتى تستسلم لمتطلبات السياسة الإسرائيلية، ويبدو أن نتنياهو كان على اعتقاد أنه سيتمكن من لعب ذات الدور الذي لعبه أسلافه في السابق باستثمار جهات الدعم لإسرائيل في البيت الأبيض. لكنه يبدو أن هذه المرة ليس كغيرها من المرات السابقة، إذ إن لعبة المستوطنات لم تأخذ مسارها وفقاً للأهواء الاسرائيلية، الامر الذي أصاب الإسرائيليين بالدهشة إزاء المواقف المتشددة التي أبدتها إدارة أوباما بشأن عملية تجميد المستوطنات التي تعتبر في واقعها مقدمة لإجراء مفاوضات السلام. وزاد في دهشتهم أن بعض المسؤولين الرئيسيين في البيت الأبيض أيدوا موقف إدارتهم بهذا الشأن. ومع ذلك فإن هذا الواقع لا يعني حدوث تقدم وشيك في تحقيق السلام، إذ كلما مارست الإدارة الأمريكية الضغوط على إسرائيل تظهر زيادة في المطالب العربية بشأن تحقيق التنازلات. إن التشدد الأمريكي بشأن المستوطنات قد بدأ يظهر بجلاء منذ الأيام الأولى لدخول الرئيس أوباما إلى البيت الأبيض، حيث أعلن بشكل واضح معارضته لبناء المستوطنات، ولقي الدعم والتأييد من كل من نائبه جو بايدن ووزيرة خارجيته هيلاري كلنتون اللذين عرف عنهما، عندما كانا عضوين في مجلس الشيوخ، بأنهما يقفان منذ أمد بعيد مع التوجهات الإسرائيلية. أما بالنسبة للمتشدد الذي يحاول أن يكون له تأثير فعال في السياسة الأمريكية فهو كبير موظفي البيت الأبيض راهام إيمانويل الذي كان في السابق أحد قادة الحزب الديمقراطي المعروف عنه الدفاع عن اسرائيل وأمنها، ذلك لأن والده قد ولد في القدس وكان أحد أعضاء المنظمة المسلحة المعروفة باسم الأرغن. فإن وجهة نظره تتمثل أن موضوع المستوطنات لا يشكل قضية أمنية لإسرائيل فحسب، بل إنه يمثل مشكلة سياسية داخلية. وقد أشار مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض الى أن إيمانويل يؤمن بحق الإسرائيليين بالتوسع في بناء المستوطنات. كما ذكر أحد المسؤولين في البيت الأبيض أن الإسرائيليين قد أصيبوا بالدهشة لأنهم منذ سنين لم يتعرضوا لمثل هذا الإصرار لكنهم اليوم يرون أن الأمور قد تغيرت بحيث قد يلزمون بإجراء بعض التعديل في مواقفهم. تعتقد الإدارة في البيت الأبيض أنه في حال حدوث خلاف بين أمريكا واسرئيل، فإن نتنياهو سيجد نفسه مضطرا الى إجراء تسوية لحله، لأن ائتلافه الحكومي الهش لا يحتمل وجود أي شقاق في العلاقة مع الولايات المتحدة التي تعتبر الحليف الرئيس لإسرائيل، وهو يعلم جيدا أنه في حالة تحديه سيكون الحوار مع ايهود باراك زعيم حزب العمل ووزير الدفاع الذي قد يعهد إليه بتشكيل حكومة جديدة بعد سقوط حكومة نتنياهو. إنها إستراتيجية متشددة لكن يكتنفها الكثير من الخلل، ذلك لأن فريق اوباما يعتقد أنه إذا تمكن من الضغط على إسرائيل لتنفيذ تجميد المستوطنات، فإن العرب سيعملون على تطبيع العلاقات معها، الأمر الذي سينعكس عليها بمنافع ملموسة مقابل تنازلاتها. لكن بتقديرنا فإن هذا الأمل صعب المنال، حيث علمنا أن مسؤولا دبلوماسيا عربيا رفيع المستوى قد تساءل عما هو مطلوب من العرب نظير تجميد المستوطنات، وأشار الى عدم الاكتراث بما يقال حول بناء جسور الثقة المتبادلة او حصول التقارب خطوة خطوة لأن العرب يريدون من أوباما أن يوضح لهم تفاصيل الاتفاق النهائي. وقد برز ذلك واضحا في كلام الدبلوماسي العربي عندما قال: «إننا نريد أن نعلم ما هي المرحلة النهائية وإلا فإن كل ما يقال لن يكون مصيره أفضل من مصير خارطة الطريق التي لم تحقق أي نتائج على أرض الواقع». تشعر إدارة البيت الأبيض بالقلق جراء التزمت الإسرائيلي، لكن الخشية تساورها أيضا مما قد يطالب به العرب من تحقيق شروط مسبقة، حيث قد يقولون إننا وضعنا بتصرفكم خطة كاملة للسلام في عام 2002. سيدي الرئيس ..لقد كنت محقا عندما قلت في خطابك الذي ألقيته في القاهرة إن حل هذه المعضلة سيتطلب الأناة والصبر. |
|