تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مجنون يحكي وعاقل يسمع..حصتــــــان

ساخرة
الخميس 9-7-2009م
عادل أبو شنب

بدواعي البحث عن التسلية، وقتل الوقت، تصر حرمنا المصون على فتح التلفزيون على القنوات التي تقدم المسلسلات، حتى صار إدماناً، لاأراكم الله مكروهاً، وصرت أعاني منه وأصبر،

لأنه ما باليد حيلة، ومن حق أم المؤمنين أن تتسلى، ومع مرور الأيام، وباعتبار أن بعض المسلسلات ينطوي على ما يزيد عن مئة حلقة أو أكثر، ضاق صدري مرة وحلفت بأغلظ الإيمان أنه لا يحصل خير إن استمرت بهذه الفرجة، اتفقنا على أن نتقاسم الوقت، نصف وقت الفرجة للزوجة، والنصف الآخر لي، وهكذا سارت الأيام بنا بعض الوقت وقد حدث ما لم يكن في الحسبان.‏

محسوبكم يحب الأخبار والندوات والتعليقات، ويتابعها بشغف فصرت أفتح التلفزيون خلال حصتي عليها وأترك لزوجتي الوقت الباقي أي حصتها، كما تحب أن تتسلى به، حتى وإن كان مسلسلاً بخمسمئة حلقة غير أن شيئاً ما جعلني أتململ وأثور على مبدأ الحصتين.‏

كانت الأخبار والتعليقات والندوات مكررة ووجدتها تشبه بعضها البعض، الأخبار تسير ببطء نملة وإذا كان ثمة جديد فيها فالجديد أخبار مملة ومكررة سمعتها ورأيتها في عشرات القنوات مع تضخيم مخيف، ومثلها الندوات التي «يتبروظ فيها» أحدهم ليحكي كلاماً لا أفهمه، وأكاد أن أجزم أنه هو نفسه لا يفهمه، وأحياناً تضيع أجوبة المتحدثين غير المدوزنة في زحمة الأسئلة الطويلة والمعوجة التي تحتاج إلى تفسيرات وترجيحات ما أنزل الله بها من سلطان، مللت وسئمت مما أراه في حصتي التلفزيونية فجئت زوجي لهفاً وقلت لها متنازلاً:‏

- خذي حصتي وخلصيني من هذه المشاهدة.‏

فسألت:‏

- ما بك؟ هل حدث شيء يجعلك تعطيني حصتك، عن طيب خاطر؟‏

قلت لها:‏

- دخيلك وجدت لا جديد في التلفزيون، كما أنه لا جديد تحت الشمس، مللت، وأبحث عن وسيلة أشغل بها نفسي لأتسلى.‏

وجسّت زوجتي جبيني بيدها، وقالت:‏

- إن جئت للحق، عليك أن تجلس معي لتتفرج على المسلسلات فهذا هو الجديد في قنوات التلفزيون الذي لا يبلى!‏

بلا طول سيرة احتكرت زوجتي التلفزيون لجنابها، أما أنا فصرت أصرف وقتي في قراءة الكتب والروايات وكم أنا سعيد لأنني تخلصت من حصتي التلفزيونية التي كانت متكررة كل يوم وعدت لقديمي ومجنون يحكي وعاقل يسمع وقديماً قيل: من فات قديمه تاه!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية