تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القطاع الصناعي في إدلب..غياب البنى التحتية لإقامة المنشآت وضعف المحفزات والتسهيلات!!

مراسلون
الأثنين 11-6-2012
حسن أسعد

يعتبر القطاع الصناعي قاطرة التنمية وأهم عامل في النهوض الاقتصادي الذي ترتكز عليه وتصب فيه بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى وهو الأساس لتحقيق التنمية المستدامة في المجتمع،

فهل هذا القطاع يقوم بهذا الدور في محافظة إدلب وهل له وجود حقيقي في اقتصاد المحافظة وما الصعوبات والمعوقات التي تؤثر سلباً على النهوض به وما المقترحات لتجاوزها وما آفاق هذا القطاع المستقبلية؟!‏

هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها واقع هذا القطاع في المحافظة والذي بالكاد يقارن مع بقية المحافظات.‏

فقد بينت الاحصائيات والبيانات الرقمية الصادرة عن مديرية الصناعة في محافظة إدلب أن إجمالي رأسماله يبلغ نحو 7 مليارات ليرة وإجمالي قيمة آلاته 3 مليارات ليرة وتوفر منشآته الـ 944 منشأة نحو 4565 فرصة عمل.‏

وبين المهندس حسين الحميدي مدير الصناعة في المحافظة أن منشآت القطاع الصناعي في المحافظة موزعة على 924 منشأة منفذة على القانون 21 ويبلغ رأسمالها أكثر من 3 مليارات ليرة وتوفر 3806 فرص عمل و23 منشأة منفذة على قانون الاستثمار برأسمال أكثر من 3.6 مليارات ليرة وتوفر 758 فرصة عمل وتتوزع منشآت القطاع الصناعي المنفذة: 466 منشأة غذائية برأسمال أكثر من 3.8 مليارات ليرة وتوفر 2430 فرصة عمل و312 منشأة هندسية برأسمال 390 مليون ليرة وتوفر 1118 فرصة عمل و149 منشأة كيميائية برأسمال 1.2 مليار ليرة وتوفر 783 فرصة عمل و19 منشأة نسيجية برأسمال نحو 1.3 مليار ليرة وتوفر 943 فرصة عمل.‏

وفي قراءة لهذه الأرقام والاحصائيات ومقارنة مع بقية القطاعات الاقتصادية الأساسية في المحافظة وتحديداً الزراعة والتصنيع الحرفي نجد أن دور هذا القطاع في الحركة الاقتصادية والتنموية في المحافظة بالكاد يذكر من حيث رأس المال وفرص العمل التي يوفرها.‏

وأشار الحميدي إلى أن فرص العمل التي يوفرها هذا القطاع تعادل تقريباً ثلث فرص العمل التي يوفرها القطاع الحرفي حتى أن المنشآت الحرفية الهندسية في المحافظة توفر أكثر من ألف فرصة عمل زيادة عن إجمالي ما يوفره القطاع الصناعي من فرص عمل والتي بالكاد تذكر أمام تلك التي يوفرها القطاع الزراعي حيث يوفر هذا القطاع عشرات آلاف الفرص الدائمة ومئات آلاف فرص العمل المؤقتة الموسمية حيث تتعدد المواسم الزراعية وفي أغلب أيام السنة وبالتالي فإن هذا القطاع يأتي في المرتبة الثالثة لناحية توفير فرص العمل في المحافظة.‏

صادراته سبع صادرات القطاع الزراعي‏

وبالانتقال إلى ما تصدره المحافظة من إنتاج صناعي وزراعي نجد أن صادرات القطاع الصناعي تأتي في المرتبة الثانية على قائمة صادرات المحافظة فقد بينت الاحصائيات الرقمية الصادرة عن مديرية الاقتصاد في مديرية التجارة في المحافظة أنه وفي العام الماضي بلغت صادرات القطاع الصناعي الحقيقية 277 مليون ليرة وهي موزعة على 255 مليون ليرة آلات و22 مليون ليرة أقمشة وخيوط نسيج وإجمالي هذه الصادرات تساوي حوالي سبع صادرات القطاع الزراعي من المواد الأولية والبالغة 1.062 مليار ليرة وهذه الصادرات الصناعية تعادل أيضاً أقل من ثلث صادرات المواد الزراعية المصنعة والبالغة 799 مليون ليرة وهنا لابد من الإشارة إلى أن إجمالي صادرات القطاع الزراعي في المحافظة خلال العام الماضي بلغت أكثر من 2 مليار ليرة.‏

وفي مقارنة احصائية بسيطة بين صادرات القطاع الصناعي وصادرات إنتاج القطاع الزراعي نجد أن إجمالي صادرات القطاع الصناعي تأتي في المرتبة الثالثة حيث جاء على هذه القائمة الكمون في المرتبة الأولى بـ1.1 مليار ليرة وزيت الزيتون في المرتبة الثانية بـ508 ملايين ليرة والعدس وإجمالي صادرات القطاع الصناعي بـ277 مليون ليرة.‏

وهذه الأرقام التي أشرنا إليها تؤكد بوضوح أن القطاع الصناعي في المحافظة ما زال في بداياته وهو لا يقارن ببقية القطاعات الاقتصادية المنتجة في المحافظة أما على صعيد القطر فهو لا يذكر فإجمالي مكوناته وما يمثله من رأسمال وقيمة آلات وما يصدره وما يوفره من فرص عمل هو بالكاد يساوي منشأة صناعية حقيقية منتجة في حلب أو العاصمة وهناك العديد من المحافظات تتقدم على محافظة إدلب في المجال الصناعي حيث تأتي في مرتبة متدنية في هذا المجال رغم ما تتوافر فيها من مقومات ناجحة لصناعات متعددة وتحديداً الغذائية التي تشكل عماد الصناعة والتصنيع الحرفي حيث يبلغ عدد المنشآت الغذائية في المحافظة نحو 1300 منشأة رأسمالها أكثر من 6 مليارات ليرة من إجمالي رأسمال جميع المنشآت الصناعية والحرفية الذي يبلغ نحو 8 مليارات ليرة وهذه المنشآت توفر نحو 8 آلاف فرصة عمل من إجمالي فرص العمل الذي يوفرها القطاعان المذكوران والبالغة نحو 13500 فرصة عمل.‏

ومرتبة المحافظة المتدنية على مستوى القطر صناعياً ليس لها مبرر كما يقول المهتمون بالشأن الاقتصادي لما يتوافر فيها من مقومات ناجحة لعدة صناعات من مواد أولية وأيدٍ عاملة منافسة بالإضافة إلى التسهيلات التي تقدمها المحافظة للصناعيين كما يقول المعنيون فيها دائماً.‏

لكن السؤال لماذا ما زالت المحافظة خارج الاهتمام الصناعي ومجرد رقم صغير يكاد لا يذكر في هذا المجال؟‏

المهتمون بالشأن الاقتصادي في المحافظة أجمعوا على أن المحافظة زراعية بامتياز حيث يقوم النشاط الاقتصادي بمجمله على القطاع الزراعي الذي يعتبر العمود الفقري لهذا القطاع ومجمل النشاطات التي تتعلق فيه وكما أشرنا سابقاً أن معظم الصناعات تقوم على إنتاج القطاع الزراعي وهذا الأمر تحديداً يفسر محدودية القطاع الصناعي في المحافظة الذي يعاني من عدة صعوبات ومعوقات تؤثر على انطلاقته كقطاع فاعل في الحياة الاقتصادية للمحافظة ومن أهمها:‏

غياب البنى التحتية لإقامة المنشآت الصناعية والمقصود هنا غياب المدن الصناعية والمناطق الصناعية في المحافظة وحتى تلك الموجودة فإن الخدمات الأساسية المتوافرة فيها لا تفي بالغرض كما أن الصناعي وفي بعض المناطق يجد نفسه مطالباً لتأمين هذه الخدمات على حسابه الخاص وهذا ما يزيد من تكاليف إقامة منشآته وغياب هذه المناطق تؤدي إلى تعقيد إجراءات منح التراخيص وخصوصاً أن معظم أراضي المحافظة زراعية.‏

ومن المعوقات زيادة الرسوم والضرائب المفروضة أثناء الترخيص وبعده مقارنة مع بقية المحافظات الصناعية وهنا يطالب الصناعيون في المحافظة بأهمية معاملتهم في مجال فرض الضرائب معاملة تشجيعية تحفزهم على إقامة المشروعات الصناعية وأن تكون هناك مزايا تفضيلية للراغبين في الاستثمار الصناعي ومنحهم إعفاء ضريبياً أسوة ببقية المحافظات النامية صناعياً وضرورة تخفيض هذه الرسوم للمنشآت التي تعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة قد تهدد استمراريتها ومن الصعوبات أيضاً إحجام أصحاب رؤوس الأموال من أبناء المحافظة على الاستثمار فيها للأسباب المشار إليها وتفضيلهم التوجه إلى المحافظات القريبة.‏

ومن الصعوبات أيضاً التقصير في التوجيه والدعاية للخصائص والمحفزات التي تتوافر في المحافظة لإقامة المشروعات الصناعية الناجحة وتوافر مقومات استمراريتها ومن هذه المحفزات ما أشرنا إليه في مجال التصنيع الغذائي وتوفر الأيدي العاملة وموقع المحافظة على شبكة طرق استراتيجية تعبر منها نسبة كبيرة من الصناعة في الاتجاهين إلى التصدير وإلى الأسواق الداخلية لكونها تجاور حلب المحافظة الصناعية الأولى في القطر بالإضافة إلى قربها من عدة محافظات واقعها الصناعي متقدم ومتطور.‏

هذا هو الواقع الصناعي في المحافظة فهل يحظى بالاهتمام اللازم على الأقل لمواكبة الإنتاج الزراعي الذي يصدر في معظمه كمواد أولية تصنع في الأسواق الخارجية وهذه المواد تشكل أساساً لمستقبل صناعي واعد في المحافظة يقوم على ما تنتجه المحافظة من محاصيل زراعية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية