تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا أصبح دخول سوق العمل همّاً

شباب
2012/6/11
منال السمّاك

إيجاد فرصة عمل مناسبة حلم ينجح البعض بتحقيقه و يقتحم الحياة العملية من أوسع أبوابها ، بينما يقف الآخرون في طوابير العاطلين عن العمل

الذين قد يطول انتظارهم أم يقصر .. و يغرقون في دوامة الأفكار‏‏

السلبية عن استحالة اقتناص فرصة عمل في زحمة الباحثين عن إبرة في كومة قش ، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 29 % من الشباب عاطلون عن العمل ، و تفاءل الكثيرون بقانون التقاعد المبكر الذي سيوفر حسبما أشارت وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل 90 ألف فرصة عمل ..‏‏‏

‏‏

كما تشير الإحصائيات أن الشباب السوري يعاني من فترة أطول لدخول سوق العمل بعد التخرج من سنة إلى سنتين ، و لكن بمجرد الحصول على وظيفة سرعان ما يجد طريقه ، وحتى لو خسر عمله يجد غيره بسرعة ، إذاً المشكلة هي دخول سوق العمل لأول مرة !!..‏‏‏

كثـرة خريجين و قلة فرص‏‏‏

ترى رزان سبيتي - خريجة إعلام أن العمل شيء أساسي للشباب وبنفس الوقت هو هاجس ، لأن ذلك أصبح مهمة صعبة في ظل هذه الظروف الراهنة حيث تضاءلت فرص العمل بشكل ملحوظ و البعض قد خسر عمله ، لذلك ينبغي على الشباب تطوير مهاراتهم بالدورات التدريبية خلال فترة الدراسة بشكل مكثف و مركز لأن ذلك يسهم في التقليل من رهبة أجواء العمل ، و هذا أيضاً يزيد من خبرته و مهما كان متفوقاً فهو بحاجة للتدريب .‏‏‏

‏‏

و قد استبشرت آلاء جباصيني – خريجة إدارة أعمال – خيراً بصدور مسودة قانون التقاعد المبكر ، و قالت : يؤرقني كيف سأجد عملاً في ظل هذا الاقتصاد المتأزم و قلة الفرص و كثرة الباحثين من الخريجين الجامعيين عن الفرص المناسبة سواء في القطاع العام أو الخاص ، و ريثما أجد عملاً و أنتهي من دراستي فقد وجدت في التطوع فرصة للتدريب و لتحديد الخطوات الصحيحة للبحث ، و معرفة ماذا تطلب الشركات و المؤسسات من اختصاصات و مهارات ، و قد وجدت أنهم يبحثون عن المتميزين ، و هذا يدفعني لتطوير مهاراتي و صقلها و زيادة خبرتي .‏‏‏

بينما لم يسمع عماد مارديني – خريج معهد محاسبة و تمويل - بالتقاعد المبكر و لكنه يبدو متفائلاً بسهولة إيجاد فرصة عمل مناسبة له بالنسبة لاختصاصه رغم عدم وجود واسطة لديه ، و لا يعتبرها مهمة صعبة ، و يضيف بالقول : ربما غيري من الباحثين عن عمل لا يوافقوني الرأي ، و لكن سهولة إيجاد عمل يعتمد على مدى الاستعداد و التدريب بعد الدراسة من خلال الدورات التي تزيد من المهارة .‏‏‏

د . رزق : البداية .. تحديد الهدف‏‏‏

مشكلة إيجاد فرصة عمل و إيجابيات مشروع قانون التقاعد المبكر و أهمية المشاريع الصغيرة .. جملة من التساؤلات التي حاولنا أن نبحث لها عن إجابة ، توجهنا بها إلى الدكتورة هلا رزق – مديرة مركز الإرشاد الوظيفي التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية و العمل ، و التي أرادت في البداية أن تلفت نظر الباحثين عن عمل إلى أن البحث عن عمل هو عمل بحد ذاته ، و أضافت بالقول : في البداية لا بد للشاب من تحديد أهدافه و طموحاته ، و يعرف متطلبات سوق العمل من اختصاصات و مؤهلات علمية ، ليمضي بتأهيل نفسه بما يتوافق وهذه المتطلبات و تحديد الاستراتيجيات التي توصل إلى تحقيق الهدف .‏‏‏

استثمار الوقت بالتدريب‏‏‏

و تشير د . رزق إلى أنه و نتيجة للأزمة التي تمر بها سورية فإن فرص العمل المطروحة قلت نوعاً ما و البعض قد خسر عمله و تراجعت الاستثمارات ما ساهم بتشكيل عبء إضافي و زاد من الضغوط النفسية بسبب التأخر في دخول سوق العمل ، و لكن ينبغي على الشباب استثمار الوقت الراهن بالتدريب و تحسين المهارات و تطويرها ، و عدم النظر إلى الوضع الحالي على أنه مشكلة معقدة ، بل استثماره بشكل إيجابي و امتلاك الشهادات الاحترافية والتواصل مع الجهات التي تزودهم بها ، و يمكن أن يكون التطوع نوعاً من التدريب و اكتساب الخبرة و شحذ المهارات ، حيث يتمكن الشاب من اكتشاف أجواء العمل و الاحتكاك بفريق العمل ، كما أن التطوع يغني السيرة الذاتية .‏‏‏

مهارات يفتقدونها !!‏‏‏

و يعمل مركز الإرشاد الوظيفي على تحقيق الربط بين متطلبات سوق العمل و الباحثين ، و تزويدهم بالمهارات الضرورية و كيفية التخطيط للمستقبل و كتابة السيرة الذاتية و إجراء مقابلة عمل و مهارات التواصل و مهارة اتخاذ القرار و إدارة الوقت و العمل كفريق واحد ، و تلفت د . رزق أن أكثر شبابنا يفتقدون لهذه المهارات ، و هذا ما يميز خريجاً جامعياً عن آخر من نفس الاختصاص ، ما يسهم بزيادة فرصه في الحصول على عمل بشكل أسرع .‏‏‏

معرفة الطرق الصحيحة للبحث‏‏‏

و قد أشارت دراسة أجرتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و المرصد الوطني لسوق العمل ، لمسح كيفية الحصول على وظيفة في سورية ، و تبين أن نسبة كبيرة من الشباب تؤمن أن الوسيلة الأنجع لذلك عن طريق المعارف و الأقارب ( الواسطة ) ، و لكن الكثير منهم لا يعرف أنه إذا بحث و عرف الأقنية الصحيحة سيصل مثل غيره الذي استعان بواسطة ، و ما يزيد من مشكلة الحصول على عمل أن الكثير من الشباب آمنوا بالمسلمات و استسلموا للأمر الواقع و يجهلون الطرق الصحيحة للبحث عن عمل ، كأن يبحث في الإعلانات و يسأل في الشركات الخاصة الصغيرة .‏‏‏

التقاعد المبكر فرصة ذهبية‏‏‏

و برأي د . رزق أن مشروع التقاعد المبكر يشكل فرصة ذهبية للكثير من الشباب ، فهو يسهم في ضخ الدماء الشابة الجديدة في أوصال القطاع العام لمواكبة التطورات الحاصلة في الميادين كافة ، و لكن ينبغي أن تسبقه مرحلة انتقالية لنقل الخبرات التراكمية من المتقاعدين للكوادر الجديدة من خلال عملية التدريب ، و بذلك يسهم هذا القانون بزيادة فرص العمل و الحفاظ على الخبرة .‏‏‏

كما أن برنامج تشغيل الشباب الذي تقوم به وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل هو خطوة مهمة جداً بهذا المجال ، و لكن ينبغي ألا يرمي الشباب بالعبء كله على الجهات الحكومية و المطالبة بالمستحيل لتشغيل كل الأعداد المتزايدة من الخريجين ، فمهما كانت الإمكانيات كبيرة و لكنها تبقى محدودة ، إذاً ما الحل ؟ ..‏‏‏

أفكار جديدة لمشاريع صغيرة‏‏‏

تقول د . رزق : هنا يأتي دور المشاريع الصغيرة و ضرورة تحفيز الشباب على تأسيس مشاريعهم الخاصة مهما كانت متواضعة ، و بذلك يعمل الشاب و يولد فرص عمل لغيره ، و نحن كمركز نساعد الشباب على اكتشاف مقومات رائد الأعمال و الأفكار و المهارات القيادية و هذا ما يُسمى ب “ النمط الفاعل “ ، و هناك جهات معينة كمؤسسة “ بداية “ تطرح الأفكار لمشاريع صغيرة ، و هنا يأتي دور الجهات الحكومية لتوفير فرص للاستثمار و ربط هذه المشاريع بمؤسسات التمويل الصغير و المتوسط و سن القوانين التي تحمي هذه الاستثمارات المهمة جداً في عملية التنمية ، فهناك أشخاص لديهم أفكار جديدة و يستطيعون قراءة الواقع و حاجاته .‏‏‏

بيئة محفزة‏‏‏

و إن كان بعض الشباب لديهم نوع من التراخي و الاستسلام للواقع في البحث عن عمل فنحن كجهات مختصة علينا أن نخلق لهم الحافز و البيئة المناسبة لهذه الطاقات و الأدمغة التي تستحق الرعاية و الاهتمام ، كما يقع على عاتق الأسرة أن تغرس لديهم حس المسؤولية و عدم الاتكالية ، و ينبغي الاستفادة من التجارب الناجحة لتطوير الذات و تنميتها ، فسوق العمل بقطاعاته المختلفة يبحث عن التميز في الكفاءات و القدرات .‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية