|
شؤون سياسية وقد رأينا بأم أعيننا، خصوصاً في الفترة الأخيرة، كيف أصبح سيد الموقف. لكن المشكلة الأهم التي بدت فاقعة في المرحلة الأخيرة، هي المسؤولية الإعلامية والوطنية والمعرفية، ففي محك التحولات الكبرى تبدو مسؤولية الإعلامي و حسه و ثقافته و مدى منسوب الحرية في وجدانه المهني و مدى ثقافته وقدرته على التحليل و الشرح و مدى التزامه و تحرره من الوصاية على عقله وايصال رسالته للجمهور المتعطش للحقيقة و مدى مسؤوليته في تأسيس رأي عام متنور. دون أن يمس ذلك بمواقفه وأن يكون ذلك ضرورة التنوع و الحوار و النقاش الذين هم أساس كل تقدم حضاري. وليس مهماً هنا، الحديث عن ميثاق الشرف الإعلامي الذي لم يبق حتى حبره على الورق الذي كتب عليه بعد أن أفرغته قنوات الفتنة والضلالة المفلسة من كل مضامينه على الملأ منذ بدأت ارسالها بشعارات براقة استقطبت اهتمام الجمهور العربي العريض، ثم اغتالت ضمن ما اغتالت القيم و الكرامة العربية وروح التضامن العربي، وهي ترفع تلك الشعارات التي خبأت وراءها حقيقتها التكفيرية السوداء، وكانت أولى خطواتها فتح منابرها للعدو الصهيوني ليدخل بيوتنا و يغزو عقولنا عبر ما يطرحه مسؤولوه و خبراؤه و محللوه من أفكار مسمومة بآرائهم ورؤاهم التي تتضمن اتهام العرب بالإرهاب و محاربة الديمقراطية التي تمثل «اسرائيل» واحتها الظليلة في قلب صحراء التخلف العربي الشامل، اضافة إلى فتح المجال واسعاً أمام حلفاء الصهيونية و عملاء الولايات المتحدة الاميركية ليكملوا دائرة السيطرة على العقل العربي الذي يعاني أصلاً من التخبط السياسي و الفكري نتيجة السياسات الإعلامية التي تحيط به، وذلك تحت مقولة حرية الإعلام و شعار الرأي و الرأي الآخر أو معرفة الحقيقة و غيرها. وقليل من التركيز يظهر كيف كانت تنقل العمليات الاستشهادية في فلسطين والردود الوحشية الصهيونية عليها: وكيف كانت تغطي أحداث تموز عام 2006 على لبنان حيث توازن بين تصريحات المقاومة عن تدمير الطائرات الاسرائيلية للأحياء السكنية في المدن اللبنانية على رؤوس ساكنيها و المرافق العامة و البنى التحتية، و التصريحات العسكرية الاسرائيلية عن استهداف المقاومة للمدنيين و المدن بصواريخها في اطار مصداقيتها الكاذبة التي تتشدق بها، ثم كيف شاركت في التعمية على وقائع العدوان الاسرائيلي على غزة عام 2008 حتى اضطر كثير من المشاهدين لمعرفة الحقائق و متابعة الأحداث كما هي على الأرض الفلسطينية في قنوات أخرى؟! وهذه القنوات التضليلية وجدت فرصتها الذهبية، ودورها الأساسي ولتكشف عن طبيعتها العدوانية و ارتباطها الكامل بمخططات الاستخبارات الغربية و بعض العربية والموساد، عندما انبرت لتقود ما سمي بـ «ثورات الربيع العربي» التي امتدت من تونس الى مصر فاليمن فليبيا، ثم لتكون رأس حربة مسمومة ضد سورية التي تعرضت ولاتزال لحرب كونية أثبت السوريون بوعيهم العالي وثقتهم بقيادتهم ووحدتهم الوطنية النموذجية أنهم قادرون على اسقاطها مهما كان حجمها و أياً كان من يديرها، و مهما اجتمع لها من حكام عرب و أجانب و شيوخ فتنة و عملاء تابعين، واستخدموا من فضائيات تمتلك أحدث التقنيات، ومرتزقة وقتلة مأجورين مدربين، مدوهم بالسلاح بعد غسيل أدمغتهم بالمخدرات و المال القذر. وها هو المخطط برمته يعاني سكرات الموت و يترنح ومعه من تبقى من أفراد العصابات المسلحة الذين لم يعدلديهم ما يثبتون به وجودهم إلا القتل و التخريب العشوائيين و استهداف كل أشكال الحياة في كل مكان حتى القرى البعيدة و الأحياء الشعبية المكتظة في المدن السورية، ليقدموا لقنوات العار مادة (ثورجية) تتبجج وتفاخر بها طوال ساعات ارسالها، كما تفاخرت بوحشية من مقاتلين لا يراعون أي حرمة بعد أن امتلكوا أسلحة فتاكة بحماية طائرات الأطلسي، و تبتهج لقتل شعب عربي آخر وتدمير بلده الغني بعد العراق ليقدم لقمة سائغة للصوص الغرب الذين سينهبون ثرواته و كرامته تحت مسمى اعادة الإعمار، بينما الأعراب يصفقون لهم مهللين. بعد كل هذا يمكن التأكيد أن تبعية الحكومات و الأشخاص الذين أنشؤوا هذه القنوات كشفت هويتها التكفيرية التي تبرر مساهمتها الفعلية مع الولايات المتحدة و عثمانيي تركيا في دعم أحزاب (النهضة و الأخوان المسلمين و القاعدة) بلاحدود لسرقة هذه (الثورات) واقامة أنظمة اسلامية حليفة للغرب تقضي على أشكال الفكر الديمقراطي و الليبرالي والقومي العروبي، و تمنع من ثم قيام أنظمة تقدمية مناهضة للاستعمار الغربي بأشكاله الجديدة القديمة المعدة للتسويق عربياً. |
|