|
متابعات سياسية لذلك كان المبتدأ والخبر منذ اللحظات الأولى للأزمة يتمثل في حقائق أربع هي الجوهر والمميز وهي الإطار والمضمون وعلى قدر وعي هذه الحقائق والاتحاد معها في الميدان وفي السياسة وفي الاستجابات الوطنية الشعبية تتحدد المعالم الأكبر والأهم للموقف التاريخي المشروع الذي تلتزم بكل متطلباته سورية الوطن في هذه المرحلة الحاسمة. أما الحقيقة الأولى فهي أننا أمام هيجان استعماري إرهابي رجعي وصهيوني وقد استجمع في عواصفه كل مواد الموت والدمار وكل عناصر الإبادة لحضارة الإنسان أينما كان هذا الإنسان، ولأول مرة في التاريخ المعاصر تداهمنا هذه الخطوب بقواها الموحدة وأسلحتها التي خرجت من مخازن التاريخ الأسود ومن مستودعات أدوات الموت المخزنة تحت الأرض والمتحركة في السماء، هذه قصة هيجان تاريخي كبرى وقد رأت فيها القائمة السوداء للمعتدين فرصتها السانحة وخيارها الوحيد لكي تنهي إلى الأبد كما تخطط وتنفذ قواعد الوعي والصمود ومعالم التحضر والعطاء ومواقف التاريخ التي تصل إلى حد الشهادة والشهداء والأبعاد واضحة تماماً فهناك دول عظمى مثل أميركا وفرنسا وبريطانيا ترسم الحدود العامة لهذا العدوان وتسخر كل مالديها من طاقات بشرية عسكرية واستخباراتية وخبرة عاتية في قهر إرادة الشعوب وهناك في العمق الأسود لمشروع العدوان الراهن أنظمة وحكام ولدوا أصلاً في حاضنة الشيطان ونموا وتطاولوا في ذات الحاضنة. آل سعود، آل ثاني، آل نهيان، أردوغان وحزب العدالة والتنمية وهذه الأنظمة امتلكت المال والتكوين النفسي والسياسي السادي والمغلق وامتلكت أيضاً قابلية بلا حدود لخدمة المشروع الخارجي وضرب آخر ماتبقى من قواعد الحياة وثوابت التاريخ في الوطن العربي والعالم الإسلامي ومابرح المعتدون يبحثون عن ضالتهم فوجدوها في المنظمات الإرهابية وفي اختطاف الإسلام وتشويهه وفي استقدام شذاذ الآفاق من كل أصقاع الأرض وتكديسهم داخل الوطن السوري أو على تخومه، وبدا للكثيرين أن هذا الانتشار الكمي للغزاة ومن يرعاهم هو طريق سالكة لتدمير الإنسان وامتهان كرامة الأوطان وتدجين قيم الإنسان لخدمة تيار سفك الدم والكفر والإبادة المنظمة ، والحقيقة الثانية هي أن الحدود اندفعت في الصراع إلى أقسى أبعادها فهو صراع الوجود الذي لايعترف على مناطق وسطى ولايأخذ بعين الاعتبار احتمالات الحوار السياسي والبحث عن حلول، ذلك أن صراع الوجود هذا يعمق مقدماته ومقوماته في الحدود الناظمة والفاصلة مابين الموت والحياة ومابين العروبة وموجات التتار والسلاجقة والأغراب والأعراب، إن وجودنا التاريخي منتشر حتى الأعماق ومنبعث في كل الآفاق والصور والمعنى واضح يريدون وأد التاريخ وتدمير الذاكرة الحية واقتلاع الأوطان والعقائد من جذورها لأن الفرصة كما يقدرون مواتية للقيام بهذا الفعل. ومادامت هذه القوى الحاقدة على هذا المستوى وهذا الشغف بالتدمير والقتل فإن الحقيقة الثالثة تفرض حضورها مباشرة وتستدعينا كما نستدعيها لكي ندخل الصراع وقد - دخلناه - في ذات الحقيقة على صراع أنه وجود ولامكان ثالثاً لتيار ينتظر أن يتلطى أو يتمطى بانتظار فسحة ضيقة للهروب من الاستحقاقات الكبرى لصراع الوجود هذا، لقد أدرك شعبنا كل الحقائق المؤهلة للرد على الصراع وقواه بموجبات الانخراط العضوي في هذا الصراع والمكان على وسعه والمدى مفتوح لكي تصل الرسالة بالميدان وبالقيم إلى كل أطراف العدوان الهائج ، وفي التاريخ دروس لاتغيب منها أمثلة عشناها وحاول المعتدون قتلنا فذهب المعتدي والقتل معاً وبقيت في أعماق الأرض والنفوس هذه الجذوة التي تمتلك قابلية التجدد والانبعاث في اللحظات الخطرة، إن مشروع الإبادة للقيم والإنسان استحق منا أن ننهض لكي ننجز مشروع الرد بأهداف معلنة والتزامات مايزال الشهداء يقدمون عناوينها وأشعتها ومصداقية تأثيرها عند الله وعند الإنسان، ويأتي دور الحقيقة الرابعة وهو الذي يتمثل بنقل معطيات الصراع من الفكر إلى الإنجاز والتطبيق ومن الصبوات المعنوية والأدبية إلى ميادين المعارك وطرائق اقتسام الرغيف الشريف ومستويات زج الوعي الوطني في كل الميادين بما يعني استثمار حقائق التاريخ في الوطن السوري التي لم تغب لحظة واحدة عنا لأن المستعمر لم ينقطع عنا ولأن الساقطين ومازالوا يتحركون فينا ومن حولنا . |
|