تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صديقنا علاء

إضاءات
الثلاثاء 12-5-2015
سعد القاسم

لا بد أن يستوقف المتابع في ما كتبه زملاء وأصدقاء عن الإعلامي الراحل علاء الدين الأيوبي اتفاقهم على خصال بذاتها خبروها فيه وعرفوها عنه، وكانت سبباً أساسياً في ذلك الإحساس الكبير بالخسارة المفاجئة..

قد لا يمثل عدد الذين عرفوا علاء الدين الأيوبي عن قرب - على وفرتهم – نسبة تذكر من عدد الذين يعرفونه فقط من صوته الإذاعي المميز، وأسلوبه الخاص في التقديم، ولا من الذين شاهدوه فقط على شاشة التلفزيون،وتابعوه بشغف في عدة برامج حفظوا منها عبارات خاصة صارت ملازمة له، غير أن الأطرف في الأمر هو رد فعله المرح حين كان أحدهم يداعبه مستعيناً بواحدة من تلك العبارات، وهو رد فعل ربما لم يتبدل يوماً، ويترجم روحاً رحبةً تعبر عنها ابتسامة عريضة، كثيراً ما ترقى لدرجة الضحكة المبتهجة..‏

لم يكن يخيفه النقد، سواءً أتى على شكل مداعبة, ممازحة، أو ملاحظة جادة، في الحالة الأولى يتماهى مع الموقف المرح، وفي الثانية يدافع ،باقتدار وثقة، عن وجهة نظره دون عدائية أو استخفاف بالناقد، أو برأيه.وكثيراً ما كان يجد في إحدى هاتين الحالتين مدخلاً للثانية داعماً موقفه بحكايات طريفة، بعضها كان شاهداً عليها، أو طرفاً فيها. وبعضها الآخر من الكم الوفير الذي حفظته ذاكرته الخصبة من قراءات غزيرة متنوعة..كما حصل في إحدى المرات التي بادرته فيها بالقول : « عندي (دسيسة) صغيرة عليك..» فقال والضحكة الطيبة تسبق كلماته: «أسمعني إياها »..‏

كان ذلك في مكتب الزميل مخلص الورار ،قبل نحو عام من الآن،قلت له أن أمي وأختي كانتا تتابعان بالأمس على قناة «نور الشام» لقاءً تجريه مع أحد الموسيقيين، وكنت أستمع إليه من الغرفة المجاورة، وبعد بعض الوقت سألتهما إن كان هناك ثمة ضيف في الأستوديو، لأني لم أسمع إلا صوتك؟!.. فضحك بعمق وبدأ بسرد واقعة إذاعية قديمة مستشهداً بالزميل جمال الجيش الحاضر معنا، والذي كان شريكه في تلك الواقعة، وخلاصتها أنهما كانا يستضيفان أحد الفنانين الكبار، لكن لسبب غير واضح كانت أجوبة الضيف مقتضبة إلى حد التلاشي، مما أجبر المذيعين القديرين على زيادة (جرعتهما) في الحوار حتى بدوا وكأنهما يجريا اللقاء مع بعضيهما، أو على الأقل هذا ما أحسَ به، ومن ثم قاله غاضباً، مدير الإذاعة دون أن يلتفت إلى تبريرهما لما حدث..‏

أراد المرحوم علاء من هذه الواقعة التي حكاها بكثير من المرح الرد على (الدسيسة الصغيرة) بطريقته، وأن يقول بشكل غير مباشر أنه لم يتعمد استعراض معلوماته الموسيقية، بقدر ما كان مضطراً لقول ما كان على الضيف قوله. وفي الواقع كان قادراً على فعل ذلك بكفاءة عالية في الموسيقا والغناء كما في علوم اللغة والفقه بحكم معرفته الكبيرة واطلاعه الواسع. وكذلك بفعل موهبته في التمتع بجمال اللحن والكلمة بحيث يصح وصفه بأنه ذواق رفيع لكليهما..‏

كأي عامل في المجال العام، كان له منتقدوه، خاصة وأنه عمل في مجالات إعلامية متباينة، وفي مواقع إعلامية متعددة.لكن معظم الانتقادات التي وجهت إليه قد أكدت في واقع الحال أهميته وتميزه، وطالما امتدح من استضافهم في اللقاءات والحوارات الإذاعية والتلفزيونية سعة معرفته بالموضوع الذي يدور حوله اللقاء والحوار، وأسلوبه المهذب في إدارة الحوار.وكثيرون رأوا فيه صديقاً حميماً بعد التعارف الأول.فيما يتحدث معظم العاملين في الإذاعة والتلفزيون عن صداقاتهم الطويلة والعميقة مع علاء الدين الأيوبي، بالتوازي مع الكثير من الحكايات التي تعبر عن خصاله الطيبة، وفي المقدمة منها حبه للناس ولعمله، وبذل كل ما يستطيع لأجلهم..‏

ومهما تباينت الآراء فإن علاء الدين الأيوبي شخصية تترك أثرها الإنساني والمهني العميق لدى الجميع..حتى لو غيبها الرحيل www.facebook.com/saad.alkassem">المبكر.‏

www.facebook.com/saad.alkassem

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية