|
شؤون سياسية فقد أصبح من المعلوم أن العالم العربي قد انقسم حيال الولايات المتحدة إلى فريقين متناقضين في الروية والفهم والموقف والهدف فهناك من يصور واشنطن على أنها ملاك الديمقراطية القادم من لاهوت الحريات والحقوق والكرامة الإنسانية لإنقاذ شعوبنا من لعنة الاستبداد والتخلف على حين يراها فريق آخر أنها وريثة جميع الإمبراليات التي عرفها التاريخ وأنها العلة التي تكمن وراء كل مشكلة نعاني منها. مرة ثانية منذ البدايات لم يعتقد أحد أن لدى العرب إشكالية مع الشعب الأميركي نفسه ولكن المشكلة كانت تكمن في أن معظم الإدارات الأميركية في سلوكها الإمبريالي للهيمنة والسيطرة على مقدرات العالم العربي وخيراته ودعم حكوماته المستبدة وانحيازها الكلي (لإسرائيل) في جميع مجالات الحياة هي بيت الداء وهي بيت القصيد للشعب العربي وخاصة الشعب الأميركي الذي يتحرك ضد بوش والهاماته السماوية التي دفعته لغزو العراق. ونعود مرة ثانية إلى السؤال: لماذا اليوم أميركا مكروهة على الصعيد العالمي والعربي والإسلامي? أميركا تعيش اليوم أسوأ مراحلها التاريخية من حيث المصداقية الأخلاقية في سياساتها العالمية بكل القبح الذي رافق غزوها للعراق حيث نجحت في توحيد جزء كبير من العالم في نوبة جنون غاضب ضد الأمركة. ولقد بات اختلال التوازن البنيوي في القوة العالمية ضخماً (عسكريا واقتصاديا) ما دفع بالإدارة الأميركية إلى سلوك الهيمنة على العالم وفرض نموذج اجتماعي معاد على شعوبه. ارتكاب اميركا انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان ورفضها للقانون الدولي ونفاقها المخزي فيما تدعيه من نشر الديمقراطية مضافا اليها نبذها لقيم الجماعة الدولية ومبادئها لصالح سياسات الحروب الاستباقية والهيمنة المطلقة والدعم العلني لعدوانية (إسرائيل) في المنطقة العربية. يقول فرنسيس فوكوياما (لقد خلقت إدارة بوش بغزو العراق نبوءة حققتها بنفسها حل العراق الآن مكان افغانستان كمغناطيس وأرض للتدريب الأصولي وقاعدة مقاومة للجهاديين وذلك بوجود الكثير من الأهداف الأميركية لإطلاق النار عليها). يتألف الكتاب من 358 صفحة توزعت على 4 فصول تتحدث في مجملها وفق مضمون الكتاب لماذا يكرهوننا ?حيث يتم الاستشهاد بمقالات كثيرة ومتنوعة لكبار الكتاب والمحللين السياسيين الغربيين والكل يجمع على أن بوش أصبح يمثل أكبر خطر على السلام العالمي وانه يستحق الرثاء وهو يعاني داخل المستنقع العراقي من حرب العار والمهانة. يؤكد بريجنسكي بالقول:(لقد تدهورت النظرة إلى دور الولايات المتحدة في المنطقة العربية حيث أصبحت شعوب المنطقة تنظر اليها على أنها الوريث الإمبريالي للامبراطورية البريطانية ووكيل (إسرائيل) في عدوانها على الشعب الفلسطيني) بجدارة لقد اختصر بريجنسكي الإشكال الأميركي مع العالم اليوم أكاذيب كثيرة وكبيرة تسوقها إدارة بوش في حربها الوهمية على الإرهاب. إن الذين يروجون لجورج بوش في قيادته لحرب عالمية ضد الارهاب يتناسون بالطبع أن إدارة جورج بوش تعتبر من أكثر الإدارات تاريخيا ضلوعا في الارهاب والقتل وخرق حقوق الإنسان اينما حلت جيوش هذه الإدارة. إنه عبث عالمي ولكنه ليس محيرا, حرب قذرة في العراق بكل أشكالها البغيضة إنها بلاد ما بين النهرين التي سمعنا وقرأنا عنها منذ آلاف السنين أين الاسكندر والمغول والانكليز الجميع رحل وجاء الآن دور الأميركيين إنه ليس سردا تاريخيا فحسب ولكنها ذكريات لها مغزى (القوة نفسها) التي شعر بها كل من غزا العراق عندما وطأت اقدامه أرض هذه الحضارة العظيمة الكل رحل وبقي شعبها العظيم. لقد توصل أرنولد توبنبي منذ 60 عاما في مؤلفه العظيم دراسة التاريخ إلى أن الهدف النهائي لإنهيار الإمبراطوريات هو انتحار الحكمة السياسية وللأسف وبالنسبة لمكانة بوش وإدارته في تاريخ الولايات المتحدة ومستقبلها بدا أخيرا كما لو أن هذه العبارة تنطبق على السياسات التي تتبعها الإدارة الأميركية منذ أحداث 11 أيلول 2001 وحتى الآن. إن أميركا هذه التي يتحكم بها جورج بوش وفق سياسة فن الحكم الانتحاري كما قال بريجنسكي تجيب على السؤال المطروح على بساط البحث في الولايات المتحدة اليوم لماذا يكرهوننا? كتاب جيد يكتمل مضمونه في جزئه الثاني هزيمة العسكرتاريا الأميركية والفشل الاستراتيجي في »الشرق الأوسط). |
|