|
لوفيغارو فقد أكد الرئيس ساركوزي أنه (بإمكان أمريكا أن تعتمد على فرنسا) ولا أحد يشك بأنه قدم عروضا وقبل أخرى كما أن الولايات المتحدة أجابت على هذه النبرة الصادقة بكلام ليس أقل صراحة. فقد قدم ساركوزي نفسه (كصديق يقف بشموخ) و (كحليف مستقل) لكن إذا كان لدى واشنطن نوايا بطلب ضمانات فمن المؤكد أنه ليس لدى الرئيس الفرنسي ما يتنازل عنه في هذه المرحلة وقد يؤدي به بعيدا, وهناك تعليق من مسؤول كبير في البنتاغون يمكن أن يلقي الضوء على النوايا الأمريكية حيث قال بعد الخطاب أمام الكونغرس:(إن علاقاتنا هي علاقات متحولة) وعندما لا تغفل أمريكا الاستعانة بحلفائها فهي تعتمد على قاعدة قيم مشتركة وهذا ما فعلته في أفغانستان ويمكن أن تظهر هذه الصداقة بوضوح بين فرنسا والولايات المتحدة من خلال موقفهما المشترك تجاه الملف النووي الإيراني حيث رفض الرئيس الفرنسي أن تمتلك إيران هذا السلاح . إن عودة فرنسا الكاملة إلى الحلف الأطلسي تشكل رهانا آخر حول عودة الصداقة بين طرفي الأطلسي وهو رهان رمزي من جهة أن باريس أخذت موقعها الكامل داخل اللجنة العسكرية للحلف منذ عام 1995 وتشارك في معظم هيئاته وعملياته لكن العلاقة التي أشار إليها ساركوزي بين العودة الكاملة إلى الحلف وبين تعزيز الدفاع الأوروبي قد تطرح بالمقابل إشكالا أكثر تعقيدا. من جانبه لم يتردد الكونغرس بالتعبير عن الارتياح الكبير عبر التصفيق المتكرر لخطاب الرئيس ساركوزي خاصة عندما قال:(أن الوقت الآن ليس وقت صراعات متعلقة بالدين بل إنه وقت إجابات براغماتيه) وحول ذلك أشار أحد كبار الدبلوماسيين الفرنسيين:إن الأمريكيين من حيث المبدأ ليسوا ضد امتلاك أوروبا نظام دفاع أكثر نجاحا لكن عند الدخول بالتفاصيل تصبح الأمور أكثر تعقيدا,وطرح هذه المسألة يشكل تجربة حاسمة أمام المصالحة الفرانكو أمريكية إذ إنه لا بد من التذكير بالموقف ذاته فيما يخص جهاز الدفاع الأمريكي المضاد للصواريخ عندما أظهرت فرنسا تحفظاتها حوله. بهذا الحماس الذي أظهره ساركوزي لإعادة الدفء إلى العلاقة الأطلسية أراد أن يبرهن عن شجاعة سياسية إنما بهذا الموقف تجاه الولايات المتحدة وفي بلد فيه عداء للسياسة الأمريكية, بالأحرى عداء لسياسة بوش لن يكون لهذه الشجاعة أي تأييد بل لن تجد صدى, ما يستدعي الحذر من ردات فعل داخلية وخارجية قد تصل إلى ضواحي المدن. أيضا يجب أن نتساءل كيف يمكن أن تكون ردات فعل حلفاء فرنسا التقليديين في أوروبا وخارجها. دبلوماسي فرنسي يعمل في العالم العربي قال: لقد استقبلت الدول العربية خطاب الرئيس ساركوزي بانزعاج وذهول وقد حرك ساركوزي ذو الميول الأطلسية في واشنطن خطوط الدبلوماسية الفرنسية وعلينا أن ننتظر ثمن هذا الموقف. |
|