|
آراء اتصلت بي منذ أيام السيدة ف-ح من دمشق وقبلها اتصلت بي السيدة ع.أم وكذلك سيدات وفتيات لا من دمشق وحدها, بل من كل البلاد السورية وكذلك من الدول العربية حيث تصل إليهم (الثورة)
وأؤكد أن قراء كثيرين أيضا يتصلون, كلهم يطالبون أن استمر في الكتابة عن الحب لأن (الثورة) كلها سياسية وسياسة ملولة ومحطة (الحب) هي أجمل المحطات.. ليس للشبان والفتيات بل للكهول والشيوخ من أي عمر كانوا, قصص الحب في السينما والمسلسلات التلفزيونية وفي الرواية والقصة والشعر هي الأكثر مشاهدة وقراءة وتعاطفا. وبالنسبة لي وقد أصبحت كهلا لا أستسيغ إلا قراءة الحب ومشاهدته في السينما والتلفزيون. والحب هو التعبير الصادق عن الذات فإذا أحببت شخصا فقل له ما تود أن تقول, قل له: إنني أحبك.. كان الرسول محمد(ص) جالسا مع أصحابه فمر بهم رجل وألقى السلام.. فقال أحد الجالسين: والله يا رسول الله أحب هذا الرجل, فقال له محمد (ص) قم وقل له ذلك, فأسرع حتى لحق بالرجل, وقال له: والله إنني أحبك.. فرد عليه الرجل مبتسما: أنا أيضا أحبك ما تحبني لأجله. هذا كلام صحيح, عندما تحب, فعلينا ألا نوئد هذا الحب, بل علينا الاعتراف به لمن نحب, الحب, يتوالد مع الحب.. مهما كانت الحبيبة رافضة القبول بحب رجل يحبها, لسوف تقبل به في النهاية, نحن نحب أن نكون محبوبين بأي شكل من الأشكال, لا أحد يحب أن يكرهه أحد, فالكره ليس من العاطفة بشيء, إنه أسوأ ما في الإنسان في التعبير به. ولذا, إذا أحببت شخصا أحبه بكل جوارحك ودون تردد وعبر عن حبك بصوت عال, كبت الحب قد يؤذي, أما التعبير عنه, فله شرط أن يكون صادقا.. إن الطرف الآخر يشعر به إن كان صادقا أو مزيفا, وإذا كان هنالك ما ترغب أن تعبر عنه, فإنك بحاجة إلى القدرة على فعل ذلك, والحب بحقيقته يسمح للطاقة الكامنة في جسدك بأن تتدفق كالنهر, فعلينا, والحالة هذه, عدم الاستمرار في كبت مشاعرنا وإلا ستأتي لحظة تنفجر فيها هذه الأحاسيس. تنزه بالحب كما تتنزه بالهواء الطلق, حاول أن يكون حبك باسقا كالشجرة الباسقة, دع ريح الحب تداعب الأغصان فيك والورق, حتى تشعر فعلا أنك كشجرة باسقة ومورقة, ما عليك إلا الاحساس بذلك, عندما تقف أمام حبيبتك خذها بين ذراعيك بحنان ثم عليك أن تعرف: لا يمكنك الوصول الكلي إلى السكون النابع من ذاتك إلا وأنت عاشق, وغير خاضع إلا لذاتك, لا تصغ لما يقوله له العقل, العقل مستبد, وهو يستبد بك في كل لحظة, أي إنه يريدك كالساعة دقيقا في كل شيء, لا ترضخ لهذا الاستبداد.. وإذا رضخت تخسر الحب, الحب جنون, في المحصلة بينما العقل يريدك عاقلا تحسب لكل شيء حسابه.. في الحب يجب أن تتمرد على العقل وإرشاداته, إذا تحرر من سيطرته وتر كيف سيلفك سكون الحب وروعته بكل حنان وشغف وتواصل. الحب, كما يقول علماء النفس, هو السبب المبشر لتدفق الطاقة, بل إنه سر تدفقها, ما عليك إلا أن تجد المرأة التي تحبها, والعكس صحيح, ما عليك إلا أن تجدي الرجل الذي تحبينه, وعاطفة الحب هي الطاقة التي تشدنا إليها, إنها كالماء المنساب إلى الأسفل دائما, وحيث يكون البحر فهي تبحث عنه, وتشق طريقها للوصول إليه حيث يكون الحب تبحث الطاقة عنه وتتجه إليه شرط أن نمارسه برفق وحنان. في الحقيقة الحب هو انبعاث الحرارة ولهذا نجد أنفسنا متجمدين طالما أننا لا نعرف الحب, فالتجمد لا يكون طالما أن الحرارة موجودة وحيث لا يوجد الحب يصبح كل شيء باردا وصقيعا.. لا طعم للحياة من دون الحب. لذلك علينا أن ندرك أن الحب هو انبعاث الحرارة.. أنا شخصيا عندما أكون متوترا ومتعصبا من هذه الحياة الظالمة, القاسية أحاول استعادة صورة المرأة التي أحببتها ذات يوم, فيزول توتري , أتذكر اليد الحنون التي قبلتها من باطنها, أتذكر القبلة الأولى والعناق الأول. ولحظة الاندماج الأولى.. فيزول توتري. في ذكريات كثيرة مع الحب., ولولا الحب لما أصبحت كاتبا, لي في السوق أكثر من خمسة وعشرين كتابا من بينها ستة كتب عن الحب. كنت أعمل في لندن في مجلة إسبوعية اسمها (الدستور) فصرت أكتب صفحة أسبوعية تحت عنوان (نصوص في العشق) وعلى مدى خمس سنوات.. كانت تصل إلى المجلة كل أسبوع رسائل من كافة أنحاء الوطن العربي.. نحو ألف رسالة في الأسبوع تسعمئة رسالة كانت من أجل هذه الصفحة المقروءة من آلاف القراء.. لم يصدق رئيس التحرير إن معظم هذه الرسائل هي عن هذه الصفحة فراقب البريد بنفسه.. ثم صدق وتعجب.. بل إنه زاد من مرتبي. هذه النصوص جمعتها في ثلاثة كتب صدرت عن دار الفاضل في دمشق بعنوان رئيسي (نصوص في العشق) ولكل كاتب عنوان هو : أحبك وبالعكس أحبك, وكل لقاء بك وداع, وحب شديد اللهجة.. الخ. إذا الحب كان قضيتي ومازال. في الحقيقة القلب يبدع, بينما العقل يدمر, الحب وليد القلب, وإذا تناسينا القلب كليا, ولا أحد يتكلم لغته, نتعاطى مع المنطق ونتذكر الحب, نصبح أسرى العقل.. فنهتم بالرياضيات, وننسى ونتجاهل الشعر والموسيقا وكل الفنون. اعتبر الحب الجسر إلى الشعر الذي يربط الحياة بالخيال إلى جانب الشعر هناك الرسم, والنحت, انظر إلى اللوحات القديمة حيث الحب وحيها ومعناها وانظر إلى الرسم الحديث الذي افتقد الحب فيه مفهومه, وصار الهدف كثرة الانتاج, وبدلا من تقديرنا للحب صرنا نقدر المادة, صرنا نتكلم عن كيفية وكمية سلعة تباع وتشرى ولا نهتم بالقيمة الإنسانية للحب.. بل صار الحب نفسه سلعة أول ما تسأل المرأة في الرجل: ماذا يملك من مال.. هل عنده بيت ملك, سيارة, تجارة رابحة.. لا تهمنا العاطفة وما إذا كان هذا الرجل سيخونها في المستقبل, بل سيأتي بعشيقته إلى البيت, وأمام عينيها.. أي بيت زوجي ليس مبنيا على الحب الصادق والأصيل سوف يخرب سريعا.. عندما ينوجد الحب يأتي الطموح, الطموح الذي سيشتري البيت, والسيارة, وكل مباهج الحياة.. الحياة جميلة.. والحب بهجة الحياة. يقول الفيلسوف الهندي أوشو: كثيرا ما يكون القلب برعما وليس زهرة ولكن ما الذي يمنع البرعم من التحول إلى زهرة? لا شيء مطلقا لذا نحن بحاجة إلى الحب, هو شيء عظيم يدخل إلى القلب إن استنشاق الهواء النقي, هو أيضا استنشاق الحب النقي والبريء إن لم تتنفس بشكل دائم وطبيعي, لا شك أنك ستموت.. عملية التنفس تعني تجديد الهواء النقي في صدرك, هكذا هو الحب, إنه نوع من التنفس يتجدد تلقائيا بين لحظة وأخرى, فهل استمرارية للحياة دون تنفس, ولا خاصية مميزة لها من دون حب, إذا, لنكن على علاقة دائمة ومتجددة مع الحب, ليكن علاقتك مع الناس حبا, مع الصديق, مع الرفيق.. مع أهل البيت والأولاد وأكثر أكثر مع الحبيبة الجميلة الهائلة الحضور, ويوما بعد يوم ستجد أن حبك يتجدد مع كل تنفس, فكر, إنك حين تزفر فأنت تخرج الحب من صدرك وتمنحه للوجود, وحين تعود وتستنشق الهواء يعيد الوجود الحب إليك, إنه تبادل حقيقي بين القلب والوجود. وعملية التنفس ليست لتغذية الدم بالاوكسجين وحسب, بل عملية تعبيرية عن حالة نفسية أيضا, لذا فهي تتغير مع تغير عواطفناومشاعرنا فإن أحسست مثلا بالخوف يصبح تنفسك غير طبيعي, حتى ولو حاولت أن تتنفس وكأنك خائف, فلا شك ستشعر بالخوف إنها عملية تبادلية التأثير, الحالة النفسية تؤثر على كيفية التنفس وكيفية التنفس عن الحالة النفسية. حين أكون في حالة حب جامحة, أكون إلى جانب المرأة التي أحبها, أغمرها بالحب الحقيقي والأصيل, وتغمرني هي- بالتالي- بنظراتها الولهى في الحقيقة, عندما أجلس أمام المرأة التي أحبها, أشعر بالخشوع والتبتل والاندهاش والتصوف أيضا, أجلس صامتا متأملا هذا الوجه الصبوح.. هذا الفم الملموم, هذه العيون التي تتبدل ببريقها, إنها اللحظة التي فيها البوح الصامت دون كلمات.. هنا, أتنفس بعمق, وهي لحظة أغمرها بساعدي, ياللمفاجأة, أشعر أن كل ما حولي يمنحني الحب.. الكرسي الذي أجلس عليه. الطاولة.. وكأس العصير, وباقة الورد, والخدم والناس الجالسون قربي, والذين يمرون في الشارع.. الشجر والأرصفة. والطرقات , كل ما حولي أمنحه الحب ويبادلني الحب : ألم تبتسم حبيبتي ? يالسعادتي . هنا تتجلى لحظات الانفعال العاطفي بدقة . يرتعش جسدي فيما أنا أغمر حبيبتي بحب وحنو انني أندهش وأنذهل في عناقنا الحميم لدقائق وثوان واكثر . هكذا , دون انتباه .. أصبحنا جسداً واحداً ,وروحاً واحدة , بل كأن العالم كله اندمج بنا ... ولعل أروع تجربة نفسية : حين أهمس كلام الحب في اذنها , فيحمّر وجهها كتفاحة على شجرتها . هذه اللحظات الحميمية , هذا اللمس المتبادل .. لايصح الحب الا بالهمس والمشاعر الناعمة المتدفقة كالسيل . كل واحد منا منصهر بالاخر .. رويداً رويداً سينتظم إيقاع تنفسنا , حتى يصبح ايقاعاً واحداً موحداً .. وكأننا جسدان في قلب واحد , يتنفسان بالايقاع ذاته , مشددون بالاحساس بالحب . ان هذا الوقت , في هذا المكان أجمل ساعة ليس في هذه الحياة وحسب .. بل وحتى بعد الموت. انها ساعة تتعطل فيها لغة الكلام . حتى ولو حاولت أن أتكلم أو تتكلم هي . فلن نجد كلاماً ,أو تعبيراً يعبر عن هذه الحالة التي نحن , معاً فيها غير التأمل العميق كل منا بالآخر ... دليلنا الى بعضنا صدق المشاعر وخفق القلوب يقول الشاعر : لا أنت من عمر الزمان ولاغده جمع الزمان وكان يوم لقاك تكريم الشاعرة السورية الراحلة أمل جرّاح بمناسبة مرور ثلاث سنوات على رحيل الشاعرة أمل جراح أقام النادي الادبي في الرياض أمسية شعرية تكريمية . وذلك مساء الثالث من هذا الشهر , حيث ألقت مجموعة من الشابات الجامعيات قصائد للشاعرة الراحلة بإشراف وتقديم الاستاذة الجامعية الدكتورة والشاعرة( فوزية ابو خالد) , التي كانت تربطها بالشاعرة الراحلة صداقة طويلة بدأت يوم كانت الشاعرة ابو خالد تعد رسالة الدكتوراه في الجامعة الاميركية في بيروت , وكان عنوان الندوة الشعرية :( أمل جراح التي اشعلت ارجاء الارض قصائد من التجديد والحزن والشفافية والإباء ). واستمرت السهرة الشعرية الى العاشرة ليلاً. |
|