تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رواية الواقع والمتخيل

رؤية
الاربعاء 5/12/2007
غازي حسين العلي

أفدح ما يمكن أن يرتكبه المبدع في الأدب , أن يقونن انتاجه بالواقع المعيش, ويتحول الى مصور فوتوغرافي تحت شعار الصدق في نقل الحدث. فالمعادل الموضوعي للواقع, أو ما يمكن تسميته بالواقع المتخيل , يظل المحيط الأرحب للعب, وفيه يستطيع الكاتب خداع الاصل, بما يفيد تنامي الأحداث, وتقديم تراجيديا الواقع دون التقيد بالمسموح والممنوع منه, وهذا ما لمحت إليه الروائية ايزابيل هوسيه, في محاضرتها بدمشق مؤخراً , حين أشارت بأن المتخيل كان بديلا عن الفعل السياسي.

ومع ان مفهوم التخيل - عادة- يدفع الى الاعتقاد بأنه مبني على الخيال , وأنه مجرد وهم ,غير أن ذلك الاعتقاد غالبا ما تدحضه الأعمال الابداعية , ولاسيما الروائية منها, عبر تقديمها للواقع من وجهة نظر فنية واجتماعية وسياسية بحتة, بحيث تدفعنا الى الايمان بأن لا تخيل دون عقل, وان ما نظنه احياناً مجرد وهم, هو في حقيقته جزءاً لا يتجزأ من الواقع, ان لم يكن الواقع نفسه.‏

لقد لجأ بعض الكتاب, لاسيما في العقدين الماضيين, إلى الرمز كأن يشيرون الى شخصيات أعمالهم بحروف معينة,أو يسمون مدناً وأحياء بأسماء مخترعة , كان هدفها الهروب من عين الرقيب, في سبيل تقديم ما يؤرقهم من قصص وأحداث . وهذا الامر , ومع تطور مفهوم التخيل وشرعيته, لجأ الكتاب الى ما أرغب في تسميته بالمعادل الموضوعي للواقع, وقد وجد هذا الأسلوب الأرض الخصبة لتناميه , فكانت نتيجة ذلك عدداً غير قليل من الأعمال الروائية التي رأت النو, ولاقت الحفاوة المميزة من القراء والنقاد.‏

والواقع على مافيه من غنى فإنه لا مناص أمام المبدع من اللجوء الى عالم التخيل , على اعتباره الواقع دون أن يبتعد عن أساسياته وعناوينه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية