|
عن موقع: common dreams التي وقعت عليه إدارتها مع حكومة المملكة المتحدة ويتضمن المحافظة على الأمن خلال الألعاب الأولمبية واحتضنتها لندن عام 2012. ويتوقع أن يؤدي تصعيد حدة الاضرابات شمال وغرب قارة إفريقيا إلى استعادة الشركة المذكورة نشاطها السابق وبسرعة فائقة، فأزمة الرهائن في عين اميناس الجزائرية مطلع العام الحالي حيث قتل خلالها 38 رهينة تنتمي لجنسيات مختلفة تؤكد ليس فقط على نشاط متطرفي القاعدة في المنطقة وإنما كذلك تنامي الطلب على خدمات شركات « مرتزقة الحروب» التي تسعى الىتأجيجها أو إطفاء جذوتها . وفي هذا الصدد صرح « اندي باركر « المدير الإقليمي لشركة G4S ويمثلها في إفريقيا لوكالة رويترز أن شركته تشهد ازدهاراً في أعمالها بدءاً بتوفير خدمات المراقبة الإلكترونية وصولاً الى تأمينها حماية المسافرين الأجانب من خطر الخطف والقتل والابتزاز، ثم أضاف سجل الإقبال على استئجار خدمات شركتنا في قارة إفريقيا نمواً على صعيد العقود المبرمة مع تنوع تلك الخدمات نظراً لطبيعة الأعمال التي تنفذها عناصرها رغم أجواء العمل المحفوفة بالمخاطر. هذا وقد استقطبت ليبيا رسمياً منذ أيام النظام السابق عدداً من تلك الشركات يقول رمزي بارود - الكاتب والصحفي الفلسطيني في موقع تأريخ فلسطين وصاحب مؤلفات عدة من بينها « الانتفاضة الفلسطينية الثانية « « قصة غزة غير المحكية « ونشرتها عند دار بلوتو اللندنية - شركات هي تعمل تحت غطاء المحافظة على الأمن بينما لا أحد يعلم حقيقة مهامها السرية، وقد ظهرت تلك الشركات إلى العلن قبل إعلان الناتو الحرب على ليبيا، ويذكر بارود أسماء منها على غرار الشركة البريطانية المدعوة بالجبل الأزرق وكانت مسؤولة عن توفير الحماية الأمنية قبل عامين للبعثة الديبلوماسية الأمريكية الموجودة في بنغازي بعد سقوط نظام القذافي، وعندما أضرمت النيران في سفارة واشنطن في تلك المدينة الليبية في الحادي عشر من أيلول الماضي تبين أن هذا الهجوم الذي تعرضت له السفارة تم التخطيط والتنسيق له مسبقاً علماً أن الحادثة المذكورة أدت إلى وفاة أربعة موظفين أمريكيين بمن فيهم السفير كريستوفر ستيفن وتدفع تلك الواقعة المأساوية للتساؤل لماذا وقع اختيار وزارة الخارجية الأمريكية على هذه الشركة البريطانية المغمورة لحراسة سفارتها فاستأجرت خدماتها دون سواها ؟ تبدو الإجابة غير واضحة إلى الآن علما أن باستطاعة خارجية واشنطن الاستعانة أسوة بالسفارات الغربية الأخرى بخدمات شركات أمنية خاصة تتمتع بشهرة عالمية أهم من الجبل الأزرق تتنافس فيما بينها لإعادة بناء البنى التحتية للبلدان التي تتأمر حكومات تلك الشركات على تدميرها .أما المكاسب التي تجنيها الشركات الأمنية الخاصة جراء تدميرها البنى التحتية لدول عدة وتأجيجها الفتن والاضرابات في مناطق ساخنة كأفغانستان والعراق ومصر وليبيا وتونس ومالي فأكثر من أن تحصى. فعندما تنهار دولة أو أكثر نتيجة مشاكل تعصف بكيانها اقتصادية كانت أم اجتماعية، وجراء تهريب أسلحة هدفها قلب أنظمة حكوماتها تتحرك شركات شبيهة بالجبل الأزرق فتعرض خدماتها على الأطراف المتخاصمة على حين ينصرف الديبلوماسيون الغربيون لمساومة النخب المحلية المنبثقة على الصراع الدائر داخلياُ حول مستقبل ثروات تملكها هذه الدولة أو تلك . ففي ليبيا على سبيل المثال حصلت عدة شركات أمنية خاصة صاحبة أكبر ترسانة للأسلحة بين المجموعة التي تنتمي إليها على عقود ضخمة لإعمار مرافق الدولة بعد تدميرها على أيدي عناصر تابعة للشركة المذكورة . هذا وبينما تستمر عمليات نهب وسلب مقدرات هذا البلد العربي المدمر بصمت مطبق يعاني الليبيون من مخلفات اندلاع الحرب في بلادهم من خلال انتشار أجانب فوق أراضيهم يحملون السلاح ويتصفون بالوحشية ويعملون على مراقبة جيران تلك الدولة المنهارة تحت ذريعة الحرص على توفير الأمن للمنطقة المذكورة. وما يجب معرفته الآن أن حكومة ليبيا الجديدة ترفض التوقيع على عقود كتلك التي أبرمتها سابقاً مع بلاك ووتر ذائعة الصيت خشية قيام تلك الشركات بأعمال استفزازية على غرار ما حدث في العراق أو أعمال قتل نفذها مرتزقة بلاك ووتر في أفغانستان، أما أسباب رفض الحكومة الليبية مؤخراً التعامل مع بلاك ووتر مجددا، واستأجرت خدماتها لاحقاً فتكمن في إفساح المجال إمام شركات أخرى تعقد معها صفقات تجارية دون أن تقتحم الاحتجاجات الشعبية هذه المبادرة نتيجة استخدام هؤلاء الأجانب للسلاح مع العلم أن ليبيا ستظل تفتقر لاستقرار أوضاعها الأمنية نتيجة تدمير مبرمج لحق بمؤسساتها المركزية وبأجهزة الدولة. وها هي مالي الدولة التي تقع غرب إفريقيا تدخل دوامة العنف لتعاني من عدة انقلابات عسكرية متتالية، وحروب أهلية دورية ومجاعة متفاقمة وعدوان عسكري تقوده باريس اليوم ويرجح أن تصبح مالي مصيدة لعدد من الحكومات الغربية كباريس ولندن وواشنطن تورطت في عدوانها على تلك الدولة تشاركها شركات استثمارية احتكارية متعددة الجنسية فضلاًعن شركات أمنية خاصة على غرار G4S هذا إضافة لوقوع تلك البلاد ضحية احتلال لا تعرف نهايته فتربة مالي الخصبة وثرواتها تسمح لها بعدم توفير أي مسعى لاستثمار قدرات اقتصادها من قبل احتكارات أجنبية يدعمها في هذا موقعها الاستراتيجي . فعلى امتداد سنوات طويلة ظلت هذه الدولة الإفريقية ترزح تحت وطأة النفوذ العسكري والسياسي الغربي، وفي عام 2012 تم تسريب تصور يتعلق بمستقبل مالي تمخض عن تدخل عسكري غربي ترجم على أرض الواقع في 11 كانون الثاني من هذا العام، ففي التاريخ المذكور شنت القوات الفرنسية عملية عسكرية تهدف إلى طرد الجماعات الإسلامية المتطرفة من تلك البلاد كما دعتها حكومة باريس، وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد أعلن رسميا عن أن العملية العسكرية التي تقودها بلاده ستستمر ما دام هناك ضرورة لذلك لتطابق عبارته هذه مع كلمة نظيره الأمريكي حين أعلنت إدارة بوش الابن للمرة الأولى « الحرب على الإرهاب » . ويبدو المشهد السياسي والعسكري في مالي اليوم معقداً ولا يمكن توقع ما ستؤول إليه الأوضاع هناك، فغياب أي ورقة عمل أو توقيت محدد يمكن من خلالهما التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة القائمة في مالي يعني الوصول إلى طريق مسدود، ورغم ذلك فالأنظار تتجه اليوم إلى الأسلحة المخبأة، والتي انتقلت من ليبيا إلى مالي في ظل حرب شنتها قوات الناتو على ليبيا. وقد أفرزت أزمة مالي قوى من نوع جديد استطاعت الإمساك بزمام أمور هذا البلد من خلال استحواذ قبائل الطوارق على السلطة في تلك الدولة وهي الجماعة التي طالما عانت في الماضي من القمع هذا إلى جانب تدفق ميليشيات متطرفة تنتمي لمجموعات إسلامية المتباينة الميول هربت من مناطق مجاورة لمالي لتحط فوق أراضي تلك الأخيرة . وبينما أخذت كل من الولايات المتحدة وفرنسا ودول عدة تنتمي للاتحاد الأوروبي على عاتقها تحديد مستقبل مالي من خلال مساعيها العسكرية وخرائط طريقها السياسي ظلت تلك الدولة تعاني من بنية تحتية هشة ونظام سياسي غير مستقر واستحالة مواجهة المخططات التي تحاك ضدها في الخارج .هذا وتحتل مالي رأس قائمة الدول الإفريقية التي تحتاج لخدمات الشركات الأمنية الخاصة تتبعها نيجيريا ثم كينيا بفارق ضئيل. لقد تم نشر رواية نموذجية مؤخرا تنطلق من ليبيا لتصل إلى مالي ممهورة بعقود مربحة وفرص عمل ضخمة لكن عندما تتحدث عن الشركات الأمنية الخاصة عن صعود أسهم سوق إفريقية ناشئة فإن المجتمع يتوقع وقوع القارة السمراء في براثن الاستعمار الغربي وضحية جشع هذا المعسكر . ومن المرجح أن تعمد شركة G4S إلى تبييض سجلاتها وصورتها التجارية التي فقدت بريقها على هامش متابعة آلاف اللاجئين الأفارقة نزوحهم وهجرتهم خارج حدود أوطانهم، أما القضايا الأمنية المتعلقة بهولاء اللاجئين، فلا أحد يهتم بها ولا تملك الشركات الأمنية الخاصة العاملة في دول غرب إفريقيا إمكانية إيواء هؤلاء اللاجئين الهاربين من الحرب والمجاعة والفقر . بقلم : رمزي بارود |
|