|
الأربعاء 6-3-2013 فإن رسالة كيري للمنطقة والعالم لم تقدم جديداً، ولم تختلف في مضمونها عن المسودات السياسية التي اشتغلت عليها سلفه هيلاري كلنتون حتى الامس القريب، فالوزير كيري الذي جرب حظه في انتخابات الرئاسة الامريكية عام 2004 في وجه جورج بوش الابن، ومني بالخذلان - يبدو اليوم كمن يحاول القفز فوق كل الافكار النظرية التي كان يسوقها ضد خصمه، في المناظرات الرئاسية التلفزيونية، التي شهدها العالم حينذاك، واحتفظ منها في شريط الذاكرة بجملة من المواقف الاعتراضية الساخنة، ضد السياسة الخارجية الامريكية في عهد خصمه، وفي صدارتها غزو العراق، والسقوط الاخلاقي الذي شرع للامريكيين، اجتياح بلد عريق ومستقل كالعراق، على ظهر كذبة فاضحة تدعى امتلاك بغداد لاسلحة الدمار الشامل اعتماداً على تقارير استخبارية ملفقة. في ذلك الوقت ترك السناتور كيري في وجدان الكثيرين أثراً طيباً فتابعناه فيما بعد في اروقة الكونغرس كرئيس للجنة الشؤون الخارجية، وتعرفنا عليه اكثر عندما زار بلدنا، وقدم نفسه لنا كنموذج لسياسي امريكي منفتح على ثقافات متعددة ويختزن في وعيه خبرة انسانية كانت قد بدأت تتشكل لديه في فيتنام ، كمحارب في الجيش الامريكي ثم تطورت في ممارسته السياسية في واشنطن كواحد من ألمع نجوم الحزب الديمقراطي، ومن اجل ذلك فان اختياره مؤخرا لقيادة السياسة الخارجية الامريكية في الولاية الثانية للرئيس اوباما قابلناه بارتياح مشوب بالحذر، على قاعدة قناعتنا بان الافكار النظرية لجون كيري لا يمكن اختبارها إلا في افران الواقع، وان العبارات المنمقة التي تركها خلفه ذات يوم في دمشق لا تثبت مصداقيتها إلا في موقع القرار الذي يحتله كيري اليوم، ويطل من خلاله على العالم كواحد من اهم رموز السياسة الدولية الراهنة. لم ننس ونحن نرقب إطلالة كيري الاولى على مسرح السياسة الدولية، وطيرانه المبكر نحو الشرق، لم ننس ان الرجل بات اليوم ركناً قوياً من اركان المؤسسة الامريكية الحاكمة والتي لا تحسن مخاطبة العالم إلا بلغة المصالح، ولم ننس ان النيات الحسنة وتراكم الخبرة الانسانية لدى الوزير الجديد صارا شأناً شخصيا ليس لهما اي اعتبار في الحسابات الدبلوماسية ومن اجل ذلك فلقد كان مفهوما ان يرسم خطوته السياسية الاولى كخطوة مكملة لسلفه، ومنسجمة مع توجه مؤسسته الحاكمة وهو ما فعله كيري تماما منذ ان حط في لندن، واطلق اولى تصريحاته المشتقة من إرث هيلاري كلنتون، وصولا الى برلين ولقائه الغامض مع سيرغي لافروف، واستكمالاً بروما وانقرة والقاهرة والرياض وما حفلت به هذه المحطات من مواقف تحمل توقيع جون كيري وزير الخارجية الامريكية الجديد. والآن دعونا نتساءل: هل تغيرت ادارة اوباما حقاً؟! وهل غابت مسودات هيلاري كلينتون عن طاولة وزارة الخارجية الامريكية؟! أم ان قراءتنا المبكرة لرسالة كيري الاولى هي مجرد قراءة لخطوة إلزامية اولى في عهده الجديد وما علينا إلا ارتقاب خطوته التالية كي نحسن تظهير الصورة؟! |
|