تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل من مذبحة جديدة تُعد للفلسطينيين؟

 بقلم: عميرة حاس
ترجمـــــــــــة
الاثنين 30-7-2012
 ترجمة: ليندا سكوتي

ثمة إحصاءات نأى المسؤولون بأنفسهم عن بحثها أو ذكرها وأغفلوا التعرض لها على الرغم من كونها تنصب في إطار معاداة السامية حيث تبين لنا أنه في النصف الأول من هذا العام تم تسجيل 154 حدثا معاديا للسامية 45 منها جرى في قرية واحدة

ويخشى الكثير من المراقبين أن يتجاوز العدد في هذا العام الأرقام التي تم تسجيلها في العام الفائت الذي بلغ عدد الانتهاكات به 411 حالة بينما كان 312 في عام 2010 و169 حالة في عام 2009.‏

في شهر حزيران الفائت فقط تم تسجيل 58 حادثة عداء قوامها رمي الحجارة على المزارعين والرعاة، تحطيم نوافذ، تكسير أنابيب مياه، إلحاق ضرر بمرافق تخزين المياه، اقتلاع أشجار مثمرة، وإلحاق أضرار بليغة بأحد دور العبادة، حيث كانت تتم المباغتة للمزارعين العزل من قبل أشخاص ملثمين وفي بعض الأحيان تتم من قبل أشخاص يسفرون عن وجوههم دون حرج وقد يحدث الهجوم ليلا أوفي وضح النهار.‏

بتاريخ 13 و14 من الشهر الحالي حصل هجومان عنيفان في موقعين مختلفين حيث قام المهاجمون بتسطير عبارات تدعو «للموت» و»الانتقام» على الجدران في مواقع مختلفة مبلغين السكان رسالة تنذرهم بالقيام بعمليات القتل ذبحا.‏

ليس من قبيل المصادفة أن يهمل أولئك الباحثون النشطاء في مجال معاداة السامية أو أن يضربوا صفحا عن المعلومات المتعلقة بالأحداث الجارية بل جاء تصرفهم هذا لأنهم لا يرون في تلك التصرفات معاداة للسامية ولأن الساميين الذين تعرضوا للاعتداءات يعيشون في قرى تحمل أسماء مثل جلود، المغاير، التواني، ويانون منهم الذين يخضعون يوميا إلى المزيد من التخويف بهدف إثارة الرعب في نفوسهم دون أن يجدوا من يقف إلى جانبهم لكن التقارير الاحصائية جانبت الحديث عما ألم بهم من أذى لم يلق اكتراثا من قبل السكان اليهود في إسرائيل أو اليهود الذين يعيشون في شتى أصقاع العالم على الرغم من أن أجدادنا كانوا يقصون علينا أحداثا مماثلة رأوها بأم أعينهم تحدث لعائلات يهودية.‏

لقد كان أجدادنا يتهيبون من يوم الأحد الذي يماثل يوم السبت عند اليهود، أما الفلسطينيون فهم لا يجدون أي اهتمام في الأبحاث المتعلقة بمعاداة السامية ويتحسبون دوما مما قد يقع في يوم السبت على غرار ما ذكره لنا أجدادنا من أن السلطات المعهود لها تنفيذ النظام لم تتدخل لتساعد عائلة يهودية تعرضت للهجوم، وها نحن نرى اليوم بأن قوات الدفاع الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية والإدارة المدنية وحرس الحدود والمحاكم يتخذون جميعا موقف المتفرج ويغضون الطرف ويتجاهلون التحقيقات والأدلة ويقللون من خطورة تلك الأفعال بل إنهم يعملون على حماية المهاجمين ويتيحون لهم إطلاق أياديهم لإلحاق الضرر بالفلسطينيين علما بأن الأصابع التي تدير وتنفذ تلك الهجمات تعود إلى يهود إسرائيليين ينتهكون القانون الدولي بالعيش في الضفة الغربية وبذلك أصبح العنف الممنهج هو جزء من النظام القائم وهو يكمل ويسهل أعمال العنف التي يرتكبها اتباعه من قادة ألوية وقادة كتائب وجنرالات وضباط إدارة مدنية الذين يدعون بأنهم ينفذون توجيهات رؤسائهم وقادتهم.‏

أخذ المستوطنون يتوجهون نحو الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من أراضي الفلسطينيين عن طريق اتخاذ ذرائع وحيل تشرعها لهم محكمة العدل العليا في الوقت الذي لا يتاح به للمواطنين الأصليين التملك أو الحركة بل تُفرض عليهم شروط صارمة وتعجيزية يتعذر عليهم تنفيذها ذلك ما تعتبره الإدارة نجاحا كبيرا يتحقق بشكل خاص عندما يستحوذون على أراضي المنطقة سي ويقلّون من عدد السكان الفلسطينيين الذين يشكلون نسبة 62% منها ممهدين في ذلك لضم تلك المواقع إلى دولة إسرائيل بشكل رسمي.‏

يعيش عشرات الآلاف من الفلسطينيين في ظل الرعب والخوف المتزايد حيث ما أن يمضي يوم ويهل عليهم يوم آخر حتى يتوجسون خيفة من هجوم مباغت قد يقع على بيوتهم خاصة الواقعة منها في أطراف القرية ويتساءلون إن كانوا سيقدرون على الوصول إلى آبارهم أو بساتينهم أو محاصيلهم الحقلية التي زرعوها بأيديهم، كما يتساءلون إن كانت الظروف ستتيح لأطفالهم الوصول إلى مدارسهم والعودة إلى بيوتهم بخير وسلامة، ويتساءلون دوما عن عدد أشجار الزيتون التي اقتلعت أو تضررت بين الأمس واليوم.‏

في بعض الأحيان يتواجد عدد من المتطوعين المنتمين إلى منظمة بتسلم يوثقون الأحداث عبر تصويرها بآلة تصوير فيديو لاسيما ما يتعلق منها بالانتهاكات التي يقوم بها أحد مواطني الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. أما في الأحوال الأخرى حيث لا توجد ألة تصوير أو متطوعين فليس ثمة أهمية تذكر لما يقوله الفلسطينيون المتضررون لأن كل ما يقولونه لا يلقى التصديق من الجهات الإسرائيلية بادعاء عدم توثيقه. لكن يبقى العنف المتصاعد هو الحقيقة القائمة فعلا حتى وإن ضُرب صفحا عن ذكره.‏

بالنسبة لمنظمة حقوق الإنسان التي تدعى «الحق» فإنها ترى بأن تصاعد وتيرة العنف يذكرنا بما حصل في عام 1993-1994 حيث تم التحذير من تنامي العنف لكن السلطات فشلت في التوصل إلى منعه الأمر الذي أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا وكان من أعنفها ما حدث من قيام باروخ غولدشتاين من كريات أربع باستخدام سلاحه لقتل 29 مسلما كان يصلي في المسجد الابراهيمي، وقد كان لتلك المذبحة الأثر البعيد في اتخاذ إسرائيل لسياسة جديدة تقوم على إخلاء مدينة الخليل القديمة من سكانها الفلسطينيين الأصليين. فهل ثمة مسؤول من صناع القرار أو منفذيه يسعى للقيام بمذبحة جديدة؟ ذلك ما ستكشفه لنا الأيام المقبلة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية