تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غوستاف كليمت.. صاحب (القبلة) التي خلّدته عالمياً

فضاءات ثقافية
الاثنين 30-7-2012
لميس علي

عُرف بلوحاته التي أثارت حفيظة المجتمع النمساوي في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وصف بالمتمرد على عصره لأن موضوعاته الأثيرة كانت تدور حول الأنوثة وإبراز جسد المرأة.. ما جعل البعض يعتبر أعماله استفزازية.

كل ما في الأمر أن غوستاف كليمت كان واضحاً وصادقاً مع نفسه, فلم يحتشم و لم يبدِ خجلاً في إظهار ذلك فنياً.‏‏

نحا بعيداً في مذهبه الفني.. فأسس مع مواطنه إيغون شيله حركة الانفصال الفنية التي تُعتبر مقدمة للحركة التعبيرية الألمانية, والتي تدعو إلى فكرة إعلان الحقيقة وكسر حواجز الخجل.. وكان من أهم أهدافها التمرد على الفن الجامد و قواعده الكلاسيكية, والابتعاد عن تقسيم الفن بين فن للنخبة وآخر للعامة.. فهو صاحب الرأي الذي يقول بعدم وجود فرق بين سكان القصور وبين البسطاء من الناس من حيث امتلاك الذائقة.. ولهذا جاءت تصاوير لوحاته، في غالبيتها، منتمية إلى الطبقة الوسطى.. وعلى الرغم من أن أعماله واجهت الكثير من الانتقادات إلا أنها بقيت تعكس حياة ناس الشارع.‏‏

ولد كليمت في الرابع عشر من تموز عام 1862 في بومغارتن بالقرب من فيينا. درس فن الزخرفة في مدرسة فيينا للفنون وعمل في بداية حياته مع والده الذي كان حداداً ونقاشاً يزين بيوت الأغنياء.. فأخذ يرسم الجداريات وأسقف المباني العامة.‏‏

أُوكل إليه عام 1894 رسم ثلاثية تشكيلية ترمز إلى ثلاث كليات: الحقوق، الفلسفة، والطب، لتزيين سقف قاعة ماغنا في جامعة فيينا. لوحته التي رسمها رُفضت بسبب رموزها الجنسية الفاضحة.‏‏

بالعموم لم يتناسب فن كليمت وذوق أهل فيينا.. ويرى أحد النقاد أنه لم يعطِ العاريات اللواتي صوّرهن في فنه، شكل الآلهة كما كانت تصوّر في الفن الكلاسيكي. ما فعله أنه رسم نساء من واقعه عاريات.‏‏

مصير هذه اللوحة كان الحرق أثناء الهجوم النازي على النمسا نهاية الحرب العالمية الثانية.‏‏

(قبلته) الأهم‏‏

رسم لوحة «القبلة» بين عامي (1907- 1908) وتعتبر من أهم وأشهر الأعمال الفنية في القرن العشرين.. وغالبية النقاد يصنفونها ضمن أفضل خمس لوحات في تاريخ الفن التشكيلي العالمي. أظهر فيها شهوانيته الواضحة تجاه الجسد الأنثوي مع أن ملمح الرقة واللمسة الناعمة لا يخفى على من يشاهدها.‏‏

لم يعرف كليمت بفنه فحسب، إذ اقترن به وصف (زير نساء). من علاقاته الشهيرة علاقته مع صديقته إيميلي فلوغي التي تبادل معها نحو (400) رسالة. كان يرسل لها أحياناً ثماني رسائل في اليوم.. وهي عبارة عن ملاحظات أو مشاهدات. ومن النساء التي قيل إنه كان على علاقة معها السيدة أديل زوجة تاجر يهودي (بلوكباور) الذي كان يحب زوجته كثيراً.‏‏

اعتادت أديل على إحاطة نفسها بطبقة من الساسة والأدباء والفنانين والرسامين بمناسبات تحييها في قصرها، ومن بين ضيوفها كان الموسيقي ريتشارد شتراوس والرسام غوستاف كليمت. رغب بلوكباور في التعبير عن حبه لزوجته.. فكلّف كليمت برسم بورتريه لها.. واستغرق إنجاز اللوحة ثلاث سنوات.‏‏

يطغى على اللوحة اللون الذهبي، وهو اللون السائد في معظم أعمال كليمت نتيجة تأثره بالفن البيزنطي الذي كان اللون الذهبي يُستخدم فيه تعبيراً عن القداسة والفخامة.‏‏

على الرغم من الانتقادات التي كانت توجّه إلى كليمت، غالباً, لأنه جسّد عبر فنه الإثارة الإيروتيكية الواضحة أكثر في رسوماته بواسطة الأقلام، لا ينكر أهل الفن أنه كان من الشخصيات المحورية في الوسط الفني في فيينا عندما كانت تشكل مع باريس وبرلين أحد أهم المراكز الثقافية في أوروبا.‏‏

وبمناسبة ذكرى مرور مئة وخمسين عاماً على ولادة هذا الفنان تتنافس المتاحف النمساوية في تقديم أفكار تتعمق في دراسة أعماله وتكشف جوانب مختلفة من شخصيته.. وبهذه المناسبة اعتبرت العاصمة النمساوية سنة 2012 سنة فنانها الذي تعتبره رمزها القومي.. والذي كان توفي عام 1918 إثر سكتة دماغية.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية