|
كتب فضلاً عن دورها الفني الفريد ويختلف بعضهم ممن اخترع السينما، ولكن الأغلبية تجمع على ريادة الأخوين لوميير في فرنسا، كذلك ، كانت ثمة تجارب رائدة في روسيا لكن التعبيرية الألمانية هي التي أسست للسينما الفنية الجادة، قبل نزوح معظم المخرجين الألمان بسبب الحربين العالميتين إلى الولايات المتحدة التي صارت زعيمة السينما العالمية . ويبدو أن هوليوود تحولت إلى البوتقة التي انصهرت فيها إبداعات المخرجين من جميع أنحاء العالم، فمن تريتز لانغ وستروهايم وبيلي وايلد ووليام وايلر الألمان إلى تشارلي شابلن وألفريد هتشكوك الإنكليزيين ، إلى فرانسوا تروفو الفرنسي إلى برتولوتشي وسكوريسزي وزيفريللي الإيطاليين، إلى أكيرا كوروساوا الياباني، إلى نيكيتا فيخالكوف الروسي إلى كوستا غافراس اليوناني إلى أنج لي الصيني، والسينما الأميركية تعمل كالمغناطيس على جذب الطاقات الخلاقة في كل زمان ومكان. ولا شك أن السينما العالمية مرت بمراحل تطور عديدة وسريعة خلال القرن العشرين، ما أكسبها مكانتها الأسطورية وجعلها تصمد في وجه العواصف العاتية، وخاصة تطور تقنية التلفزيون، ومحطات البث الفضائية، في أواخر القرن العشرين من المعروف أن السينما بدأت صامتة، ولعل أكبر انجازاتها آنذاك تمثلت في أفلام المخرج الروسي الكبير آيزنشتين مثل (المدرعة بوتمكين) و ( الإضراب) و (إيفان الرهيب). كما تمثلت في عصر الكوميديا الذهبي في أميركا بقيادة المخرج ماك سينيت، وإبداع تشارلي شابلن (حمى الذهب) و(أضواء المدينة والأزمنة الحديثة). وبعض أقرانه الذين اكتفوا بالتمثيل دون الإخراج مثل بستر كميتون وهارولد لويد ولوريل وهاردي ومن أبرز المخرجين الأميركيين العظماء غريفيث، صاحب فيلمي مولد أمة والتعصب أما الطراز الثاني الشائع آنذاك في بداية عهد السينما الأميركية فهو طراز الوسترن أو أفلام الكاوبوي ولمع فيها خاصة المخرج جون فورد، الذي أطلق نجوماً من طراز (الوسترن) نذكر منهم فريد زيتمان وجورج ستيغنز وهوارد هوكس، وجون ستورجيس وسام بكنباه. لكن الصوت ما لبث أن اخترع ودخل فن السينما، رغم مقاومة وفزع الفنانين الكوميدين وفي مقدمتهم تشابلن والحق أن تحولاً حدث وأدى إلى ازدهار الأفلام الغنائية الاستعراضية الراقصة،عند نجوم مثل فريد أستير وجنجر روجرز وجودي غارلاند وجيت كيلي وسيد تشاريس وجيمس كاغني، ولعل أجمل فيلم كلاسيكي تناول دخول الصوت إلى صناعة السينما هو فيلم (الغناء تحت المطر) لنجمي الاستعراض جين كيلي وديبي رينولوز . وإن كان أتى في مرحلة لاحقة، ولعبت السينما الألمانية من جهة، والأميركية والبريطانية من جهة ثانية دوراً دعائياً في فترة الحرب العالمية الثانية وما بعدها، وتثار شكوك بين حين وآخر عن دور بعض الجهات الرسمية حالياً في الولايات المتحدة الأميركية بتمويل أفلام لها أغراض دعائية، على نقيصن ما يشاع عن العالم الحر. ولكن السينما تطورت حقاً ليس عن طريق انتشارها الجماهيري الكاسح فحسب، وإنما من خلال جرأة مخرجين لامعين على ارتياد آفاق مجهولة، وخوض مغامرات شكلية. والطريف أن معظم هذا حدث خارج أميركا ، ففي فرنسا، ظهرت من خلال مجلة (دفاتر السينما) باقة مخرجين مجربين قادوا ما سمي بالموجة الجديدة ، نذكر منهم كلود لولوش وجان لوك غودار وآلان رينيه وكلود شابرول وفرانسوا تروفر، وآنيس فاردا ، وقد غير هؤلاء في تركيبة السيناريو بحيث لم يعد (مسرحاً مصوراًْ) بل اعتمد أساساً على التعبير بالكاميرا والصورة. كما طرقوا موضوعات جديدة وغريبة عن شخصيات وعلاقات غير مألوفة ، حتى تحت عناوين مألوفة مثل الحب والغيرة والعزلة، ولعل نتاج (الموجة الجديدة) جاء متأثراً بالوجودية من جهة وسرح العبث من جهة أخرى، ولكن التطور الآخر المهم في السينما جاء من إيطاليا ومشبعاً بأفكار ماركسية غالباً ، تحت اسم (الواقعية الإيطالية) ورغم تعدد دراسات وفروع تلك الواقعية بشكل كبير، إلا أن فيلم (سارق الدراجة) يعتبر رائداً لها ، لكن مخرجين آخرين يفوقونه أهمية وتجريباً سرقوا الأضواء، ومنهم روبرتو روسليني (روما مدينة مفتوحة) فرانشيسكوروزي، فيليني ، فسكونتي، انطونيوني. لكن السينما تألقت أيضاً في بلدان نائية وقليلة الإنتاج بوجه عام، فالمخرج الياباني أكير كورساورا وصل مبكراً إلى العالمية عن طريق فيلميه (راشومون) والساموراي السبعة، قبل أن يخرج في روسيا (ديرسو أوزالا) وفي أميركا (أحلام) أما أندريه فايدا البولندي، فانتزع الإعجاب والاعتراف العالمي بفيلميه (رجل الرخام) و (رجل الحديد).. ومن جهته نجح أنغمار برغمان السويدي في ترسيخ طراز خاص به عبر أفلام متنوعة، منها (الفريز البري) و(الختم السابع) و (سوناتا الخريف) وبالمقابل فإن السينما البريطانية اعتبرت دوماً شديدة القرب من الأميركية، حتى إن الأفلام التي تتنافس على الأوسكار تنتمي إلى طرفي المحيط، وكثيراً ما انتزع الإنكليز من أقرانهم الأميركان الجوائز الأولى، من أولئك ديفيد لين صاحب فيلم لورنس العرب ودكتور زيفاكو وريتشارد أتنبره صاحب فيلم غاندي ولورنس أو ليفييه نجم ومخرج هاملت وريتشارد الثالث، وألفريد هتشكوك مخرج الطيور وبريان دو بالما مخرج الأنقياء، وانتوني مينيغويللا مخرج المريض الإنكليزي وجون مادث مخرج شكسبير عاشقاً. ولكن تبقى السينما الأشهر في العالم السينما الأميركية، التي استقطبت فضلاً عن المخرجين ،بعض كبار النجمات عبر عقود من الزمن مثل مارلين ديتريش وأنفريد برغمان وغريتا غاربو وكاترين دوفوف وليف أولمان، واستطاعت عبر فن (الميوزيكال) تحقيق جماهيرية لا تضاهى ، من ساحر أوز بطولة جودي غارلاند، إلى لحن الموسيقا بطولة جولي أندروز، إلى قصة الحي الغربي بطولة ناتالي وود إلى ايفيتا بطولة مادونا، بل استقطبت هوليوود أيضاً بعض النجوم الأجانب مثل ميل غيبسون الاسترالي وآلان ديلون وجيرار دوبارديو الفرنسيين ومارشيللو ماستروياني الايطالي وعمر الشريف المصري. وأنطونيو بانديراس من أميركا الجنوبية. هذه السينما استطاعت التفوق منذ بداياتها عن طريق الإنتاج الضخم الذي ألهب خيال البشر في شتى أرجاء الأرض. وأبهر المشاهدين برومانسيته وتشويقه مثل فيلم ذهب مع الريح للمخرج فيكتور فلمنغ وصولاً إلى تايتانيك لجيمس كاميرون ولا ننسى إنتاج شركة المبدع والت ديزني للأفلام العائلية والكارتون ولعل هذا الاتجاه أسس لأفلام الخيال العلمي التي ازدهرت في الربع الأخير من القرن العشرين على أيدي ستيفن سبيلبرغ وجورج لوكاس. الكتاب تتضمن عدة أبواب (النص والصورة- عصر السينما الذهبي- نجوم في الذاكرة مخرجون يمثلون ونجوم يخرجون - مخرجون في الذاكرة- أفلام للفن والقضية- أفلام حديثة. أفلام نالت الأوسكار، أفلام جماهيرية، ملامح من السينما المصرية والسورية. الكتاب: ذكريات السينما - تأليف: رياض عصمت - قطع متوسط في 535 صفحة- سلسلة الفن السابع. |
|