|
مجتمــــع أطفالنا أيها الحاقدون حفظوكم عن ظهر قلب.. فأنتم من حرمهم من الذهاب إلى مدارسهم هنا، وأنتم من خرّب لهم مراجيح لعبهم هناك، وأنتم الذين فرضتم عليهم بكاء الدم على رحيل آبائهم شهداء هذا الوطن، وأنتم الذين صادرتم حليبهم وقطعتم الكهرباء فغابت عنهم برامجهم التلفازية المحببة. أنتم أيها المجرمون سفكتم دماءهم التي بالكاد أضرموا بها العبق والعطر فهل تنتظرون منهم أن يحبّوكم بعد كلّ هذا؟ على دفاترهم « يخربشون » بأغنيات الحبّ للوطن، يرسمون علم سورية وينفخون فيه من برائتهم ألوانه، فتمادوا في غيّكم ما استطعتم فإن طفلاً يرتدي «مريوله» يخيفكم وإلا ما أحرقتم مدرسته وما فتّشتم حقيبته أو مزّقتم جلاء نجاحه إلى الصف الأعلى. كلّكم منّا لو لم تتلطّخ أيديكم بدمائنا، كلكم أحبّاء لنا لو لم تحرقوا قمحنا، كلكم شركاؤنا في الوطن لو لم تستبيحوا أعراضنا. نتحدث إلى الصوت الآخر الذي نحترمه مهما تناقض مع صوتنا ما دام نائياً بنفسه عن قتلنا وعن قطع أسباب عيشنا، وندعوه إلى طاولة الوطن، فالحوار يكون بالحجة وبالرأي لا بالرصاص والعبوات الناسفة. القسم الأكبر من أطفالنا أنهى امتحاناته المدرسية وبدأت عطلة الصيف بالنسبة له وقد درجت العادة أن نضع لهؤلاء الأطفال برنامج ترفيهٍ ينفض عن عقولهم وأبدانهم تعب تسعة أشهر من الدراسة، فهنا من ينتظر أياماً موعودة على شاطئ البحر وهناك من ينتظر أياماً جميلة في المصايف، وهناك من أعدّ العدّة لدورات في السباحة أو كرة القدم..إلخ، فهل ستتعطّل الحياة تحت وطأة الإرهاب؟ نتمنى أن يكون الجواب « لا» فنمضي وأطفالنا إلى حيث الحياة تُبعث كلّ يوم من جديد، ولمن لا يستطيع فعل ذلك نقول له «إنما للباطل جولة» وهذه الجولة شارفت على نهايتها بإذن الله، والحياة الكريمة التي ندافع عنها ونتمسّك بها ستبقى ملكنا ولو كره المتآمرون. لن يستطيع أحد أن يصادر دراجات أطفالنا أو أن يسقط طائراتهم الورقية أو يغرق زوارقهم التي تتسع لأحلامهم الصغيرة فهل يكفّ الإجرام عن أذيّتهم؟ فاجأني أحد الأشخاص الذين أعرفهم بأنه يتعمّد أن يرى أبناؤه كلّ المشاهد المروّعة التي تُعرض على الشاشات، وعندما سألته عن سبب هذا الإصرار قال: لا أريدهم أن ينسوا ماذا فعل الإرهابيون في سورية، أعرف أنني قد أسبب لهم بعض الأذى لكن عليهم أن يخزّنوا هذه المشاهد في عقولهم ففي غد قريب هم الذين سيحملون السلاح دفاعاً عن سورية ولا أريد أن تكون في قلوبهم أي رحمة تجاه من يحاول تخريب سورية. جلتُ بهذا السؤال على عدد من الأسر فالتقى معظمها عند ضرورة أن يعرف الأطفال كلّ شيء لتأتي تركيبتهم منسجمة ومتصالحة مع ما تتعرض له بلدهم وما ينتظرهم من تحديات قادمة، وكما أن صورة الإرهاب قد حفرت أخاديدها في قلوبهم البريئة فإن الدور الإيجابي للجيش العربي السوري ومؤسسات الدولة الأخرى حضرت في هذه القلوب والعقول والتي عليها أن تبقى متيقظة على الدوام. يقول جبران خليل جبران: « قيل لي: إذا رأيتُ عبداً نائماً لا توقظه فربما يكون يحلم بالحرية، فقلتُ لهم: أوقظه وأحدّثه عن الحرية.» من هذا المنطق فليس من الصحّ أن نحجب أطفالنا عما يجري حولهم خوفاً على مشاعرهم، بل الأصحّ أن نشرح لهم ما يحدث ونحصّنهم ونحضّرهم لمواجهته. |
|