تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا شريك دون مصداقية !

البقعة الساخنة
الأربعاء 11-11-2009م
خالد الأشهب

إعلان عن استراتيجية أميركية جديدة بشأن أفغانستان , وأخرى بشأن السودان , وثالثة بشأن الدرع الصاروخية في أوروبا , ورابعة هنا في المنطقة بشأن السلام , وخامسة وسادسة هنا وهناك .. دون أن تتبدل الأوضاع القائمة في هذه الأمكنة ,

ودون أن تتبدل صورة أميركا البشعة التي ورثتها إدارة الرئيس أوباما عن سابقتها التي وإن تسببت بكل ذلك إلا أنها اليوم ليست معنية بما ستؤول إليه هذه الاستراتيجيات الجديدة من تطبيقات وتغييرات فشلت إدارة أوباما في إنجاز أي من وعودها حتى اليوم .‏

تكاثرت الاستراتيجيات الأميركية الجديدة وتعددت أدواتها ولغاتها , لكنها , ظلت رهينة الأهداف والغايات ذاتها التي قامت عليها الاستراتيجيات والسياسات الأميركية السابقة , ظلت حبيسة مفاهيم الرؤية القطبية الأحادية لإدارة العالم وما ترتبه هذه الرؤية من مواقف وسياسات تقطع جسور التواصل والحوار مع العالم وتقيم بدلاً منها جدران العزل والضغط والإكراه .‏

ما يجري اليوم في أفغانستان ومثله في العراق وغيره من المواضع التي يندس فيها الأنف الأميركي عميقاً , يحث الذاكرة الحية لاستحضار مشاهد المرحلة الأخيرة من الاحتلال الأميركي لفيتنام , بين التخبط العسكري والارتباك السياسي ولا جدوى البحث عن مخارج تضمن عدم إراقة ماء الوجه الأميركي مجددا في المواقع التي شهدت الكثير من إراقة ماء الوجه لغير الأميركيين عبر التاريخ , ويؤكد أن لا بد أخيرا من الاعتراف بأن عمر الاحتلال ليس مديداً ومفتوحاً , وأن الديمقراطيات لا تستنبت خارج تربتها , وأن التضليل السياسي والإعلامي وإن كسب معركة أو اثنتين إلا أنه لن يكسب الحرب .‏

مأزق إدارة الرئيس أوباما الحقيقي ليس في استنساخ الاستراتيجيات بأدوات ولغات جديدة , بل هو في فقدان المصداقية التي استشرفها العالم من وعود هذه الإدارة وإعلاناتها عن التغيير وعن الرغبة في إرساء أمن العالم واستقراره , المصداقية التي تحتاجها اليوم إدارة أوباما بإلحاح لتوفير الشريك العالمي في حوار تعول عليه في إنجاز التغيير الموعود.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية