تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القوة الناعمة.. استراتيجية مختلفة لأهداف ثابتة

شؤون سياسية
الأربعاء 11-11-2009م
علي سواحة

نزعة العنجهية كما تؤكدها الحقائق ما زالت تسيطر على ذهنية أغلبية الفريق الأمريكي المحيط بالرئيس أوباما وما زالت حرائق هذه النزعة تلتهب هنا وهناك على امتداد المعمورة ذلك لأن المشروع الاستعماري هو الحاضن لهذا الفريق الذي استبشر به العالم بنهايته مع تسلم الرئيس أوباما لسلطاته الرئاسية قبل نحو عام.

ولعل الولايات المتحدة في عهدها الجديد مع الرئيس أوباما شرعت في تنفيذ استراتيجية جديدة أطلقوا عليها معاً استراتيجية القوة الناعمة التي وضع لها هدفان كما هو واضح، الأول: تثبيت نفوذ السيطرة والهيمنة الأمريكية في المنطقة العربية تحديداً بعد أن يتم اخراج الجيوش الأمريكية من ميادين القتال لتحويلها إلى قواعد تكون حرساً لذاك النفوذ الاستعماري والمدافعة عنه لدى أي انفجار ضدها أو تحرك وطني مقاوم لها.‏

الثاني فهو تصفية القضية الفلسطينية وطي ملفها بشكل نهائي وطمس أي معلم يدل على فلسطين العربية بما فيه عبارات اللاجئين وحق عودتهم إلى ما هناك بما يتصل بالقضية من بعيد أو قريب.‏

ولعل المتتبع لهذه الاستراتيجية يجد عن قرب أن الولايات المتحدة مع نهاية عهد بوش كانت بحاجة إلى ورشة لاشغال وإلهاء العالم ولا سيما العالمين العربي والإسلامي لاستعادة أنفاسها أو لنقل بحاجة لاستراحة المحارب على خلفية مالحق بأمريكا من هزائم وانكسارات وكراهية عالمية، ومن ثم عمدت إلى حجب خططها والحؤول دون احداث المواجهة معها على خلاف أرض الواقع التي دأبت فيه لتنفيذ مشروعها السلطوي الاستعماري.‏

فواشنطن على سبيل المثال دأبت حيال انتخابات الرئاسة في إيران على التدخل المستور بهدف ضرب الوحدة الوطنية في إيران وزعزعة هيبة النظام الاسلامي فيها وهدمها للجدار الذي نجحت في بنائه الثورة الاسلامية في إيران، ثم حركت واشنطن، علاقاتها مع الهند وأوصلتها إلى ما يفهم عنه بالعلاقة الاستراتيجية ثم انصرفت هذه الإدارة إلى ميادين أخرى اختارتها بالأساس لمشروعات احداث فتن وحرائق للتغطية على مشروعاتها الاستراتيجية الحقيقية في إحكام قبضتها على العالم، لكن أمريكا أوباما تلقت درسها الأول من إيران التي أظهرت قدرتها على الاحتواء للمخطط الأمريكي الإسرائيلي الغربي ضدها ومن ثم مضيها بعزم وقوة لمتابعة ما كانت تلاحقه من ملفات ومصالح لحماية ثورتها ومواجهة المشروع المعادي لها وجاء ذلك في النجاحات التي حققتها في ملفها النووي.‏

وفي العراق واصلت أمريكا تنفيذ مخطط لإحداث المزيد من الفتن الأهلية والحرائق المذهبية على خلفية انسحابها من المدن وإعادة انتشارها في المناطق المأهولة بالسكان.‏

أما على الجانب الإسرائيلي فهو يعمل أيضاً في دائرة الخطة الأمريكية رغم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو استهل ألغامه بتحدي إدارة الرئيس أوباما ومطالبته في نفس الوقت ونجاحه في ذلك من تفريغ المطلب الدولي الخاص بوقف الاستيطان الكلي ونجاحه أيضاً في استجداء التفهم العربي لشروطه التي عرضها من أجل استئناف المفاوضات وبأن الانسحاب من غزة وإزالة المستوطنات منها خطأ لن يتكرر.‏

والمشهد الأمريكي الإسرائيلي يتكرر أيضاً في أكثر من منطقة في العالم على هذا النحو أو ذاك في إطار مشروع استراتيجي يجمعهما منذ عقود من الزمن كي يبقى العالم رهينة لهم وأسيراً لمخططاتهم الهدامة.‏

إنها بحق استراتيجية القوة الناعمة الأمريكية الجديدة التي لا تؤمن إلا بأن يكون العالم رهينة بين أيدي عمالقة هذا المشروع الاستعماري.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية