تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سورية... قلب الشرق الأوسط

لوموند
ترجمة
الأربعاء 11-11-2009م
ترجمة دلال ابراهيم

منذ بضعة أشهر، والعاصمة السورية دمشق، تشكل قبلة الوفود الأجنبية والعربية، التي أمتها بكثرة، من الحكومات الأميركية والفرنسية والبريطانية والصينية والروسية والسعودية...الخ

وتسارعت وتيرة العودة المحمودة لسورية إلى الساحة الدولية حتى صارت سورية، وبعد ثماني سنوات من محاولات الادارة الأميركية السابقة بزعامة بوش لعزلها، والتي كانت تعتبرها شريكاً في (محور الشر) تحتل قلب ملعب الشرق الأوسط، وبدلت تدريجياً من المعادلة الاقليمية بما يتناسب مع مصلحتها.‏

ومنذ عهد حديث، في السادس عشر من تشرين الأول المنصرم، وقعت دمشق مع أنقرة، الدولة العضو في حلف الناتو، والتي باعدت المسافات بينها وبين اسرائيل اتفاق تعاون اقتصادي- استراتيجي واسع لا سابق عهد له. كما فتحت الحدود بين البلدين، وازدادت بينهما المشاريع المشتركة. وبثباتها المعهود، ونزوعها الحديث إلى اقامة تفاهم تحرص فيه على عدم التفريط بثوابتها السياسية- الاستراتيجية، ولن تقوم على أسس واضحة، والحجر الأساسي فيها هو المحافظة على مصالحها الحيوية الخاصة، ومعارضة مشروع الهيمنة الاسرائيلية- الأميركية، اقتربت سورية من إعادة رسم معالم فضائها الجيوبوليتيكي وفقاً لمصالحها.‏

وأفلحت مساعي الرئيس بشار الأسد في رأب الصدع مع الدول العربية الشقيقة التي تدعى (المعتدلة) والمقربة من الولايات المتحدة. ومن خلال تلك المساعي استطاعت دمشق أن تعيد العلاقات مع دول عربية، علماً أن سورية هي الدولة العربية الوحيدة التي حافظت على علاقاتها الراسخة مع حركة حماس وحزب الله.‏

وشهدت العلاقات السورية العراقية، في الآونة الأخيرة تدهوراً خطيراً، وصفها أحد المسؤولين في سورية بأنها (أزمة مستفحلة) ويردف القول: (إن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد فقد أعصابه حين وجه اتهاماته زوراً وبطلاناً إلى سورية بأنها وراء التفجيرات التي شهدتها العراق، ولكن كل شيء سيعود إلى طبيعته مع قدوم طبقة سياسية جديدة إلى السلطة في بغداد). علماً أن سورية تؤوي فوق أراضيها نحو مليون مهجر عراقي، نصفهم فقط مصنفون (كلاجئين) حسب المصطلح الأممي المستخدم، كما ورد في آخر دراسة صادرة عن المعهد الفرنسي للشرق الأوسط. ويعلق أحد المسؤولين في سورية بالقول: (ليس لنا أي مصلحة في زعزعة استقرار العراق، السوق الأول لصادراتنا)‏

أما فيما يتعلق بمصر، فيعلق مسؤول رئاسي سوري (إن تلك مسألة وقت، فحسب).‏

ويعزو سمير التقي، مدير المركز الشرقي للدراسات الدولية في دمشق السبب إلى (الخوف) الخوف الذي يدفع زعماء المنطقة إلى التضامن والتعاضد، الخوف من الفراغ الذي يمكن أن يخلفه الغياب الأميركي عن الساحة.‏

ورغم الاشارات والرسائل التي أرسلتها واشنطن إلى دمشق، لم يتحقق لغاية الآن الوعد الذي أطلقه الرئيس الأميركي باراك أوباما في حزيران المنصرم حول عزمه تعيين سفير لبلاده في دمشق، الذي كان قد تم سحبه عام 2005 في ظل عهد بوش، ويؤكد موظف رفيع المستوى في الخارجية السورية أنه لم تغير الادارة الأميركية من قرارها، والتي على خلاف الحكومة السابقة لها- تعتقد بضرورة اعتماد الحوار مع سورية. ولكن تجري الأمور، وكأن ثمة ادارتين في واشنطن تتنافسان مع بعضهما. ولم تتوصلا إلى وضع أسس اتفاق حول اعتماد استراتيجية واضحة.‏

وفي الواقع رغم كل التصريحات والخطب التي أطلقها الرئيس باراك أوباما، لم يتم حتى الآن رفع أي من العقوبات التي فرضتها بلاده على سورية إبان عهد ادارة الرئيس جورج بوش في العام 2004.‏

كما لم يطرأ أي جديد من جانب واشنطن، في أمل لممارسة ضغوط ضرورية، ولو في أدنى مستوياتها على اسرائيل من أجل تسوية ملف احتلالها لهضبة الجولان السورية والضفة الغربية، ويشير المحلل بيتر هارلينغ المدير الاقليمي لمجموعة الأزمات وفي خصوص موقف الدول العربية المدعوة (معتدلة)، والتي اعتقدت وصدقت وعود المحافظين الجدد في عهد ادارة بوش بإعادة تحديد الثوابت السياسية لكل المناطق، أن هذا الموقف بات غير محمول لفترة أطول، من دون تحقيق تقدم في عملية السلام، وقد أطلقت رصاصة الرحمة على تلك العملية مع وصول حكومة اليمين بزعامة بنيامين نتنياهو إلى تل أبيب، حيث لم يشهد أي جانب سواء الفلسطيني أم السوري، الذي أجرى مفاوضات غير مباشرة، عبر الوسيط التركي، ابان عهد الحكومة الاسرائيلية السابقة أي تقدم.‏

ويشير سمير التقي إلى شدة خطورة الوضع. ويضيف: إن الدول العربية وحتى العديد من الدول الأوروبية بدأت تضيق ذرعاً في انتظار أوباما، وكنا جميعاً قد عقدنا آمالنا بأن هذا الرئيس المنتخب مجدداً سوف يطرح سياسة وجدولاً زمنياً جديداً من أجل طمأنة دول المنطقة ودعم استقرارها. ولكن يمضي الوقت ولايحصل أي تقدم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية